طويت محاسنها لنشر محاسني ... كم بين ما طوي وآخر ينشر
لحلاوتي تبدو، وتلك خفية ... وكذا الحلاوة في البوادي أشهر
ففي هذه الأبيات ترى الكنافة تزهو بنفسها وتشمخ بأنفها وتتيه كبراً ودلالا، وتسخر من القطايف سخرية مرة. وتقول الكنافة هنا إنها أحق بالفضيلة من القطايف لأن محاسن القطايف مطوية وحلاوتها محشوة في جوفها، وهذا يغض من قدر القطايف في نظرة الكنافة التي تمتاز منها بظهور محاسنها وجمالها. فالكنافة متبرجة سافرة تتصدى للناس وتلفت إليها الأنظار ببهائها وحسن روائها فيعرضون عن القطايف وينهالون عليها. فهي ناجحة في كسب الزبائن بما تثيره فيهم من كامن الشهوة. وهذه ميزات ليست للقطايف.
وكان الشعراء يتبادلون الألغاز في هذا الموضوع. مثال ذلك ما كتبه أحد الشعراء إلى صديق له وهو:
يا واحدا في عصره بمصره ... ومن له حسن الثناء والسنا
أتعرف اسما فيه ذوق وذكا ... حلو المحيا والجنان والجني
والحل والعقد له في دسته ... ويجلس الصدر، وفي الصدر المني
فأجابه بقوله:
عرفتني الاسم الذي عرفته ... وكاد يخفى سره لولا الكنى
يقصد بالكنا (الكنافة)
هكذا تناول الشعراء الكنافة. وكان شعراء مصر أكثر تناولا لها من غيرهم. وقد أصبغوا على ما نظموه في هذا الموضوع الروح المصري الذي عرف بالخفة والمرح؛ وأولع بالدعابة والفكاهة.
أما القطايف فقد عرفت منذ العصر العباسي؛ وجاء ذكرها في شعر أبن الرومي وكشاجم وغيرهما، ومنهم من شبهها بحقاق من العاج، ومنهم من شبهها بوصائف قامت بجنب وصائف. ومنهم من شبهها وقد رصت في الأطباق بالمصلين الذين يسجدون وراء الإمام. فالشاعر الذي يقول: