العرب وأنهضهم إلى الغزو هو شح بلادهم وجدبها. وقد هداهم الإسلام بشريعته القويمة إلى الطريق المستقيم وأنقذهم من الفوضى والضلالة ووحدهم ودفع بهم إلى ينابيع الثروة في أخصب بقاع الأرض ليتخلصوا من جدب الصحراء وجوعها وعطشها. وهذا هو ما قالته السيدة الزهراء (ع) للعرب من أنصار ومهاجرين عندما خطبت يوم السقيفة في المدينة بعد وفاة أبيها الرسول (ص) فكان فضل الجوع على الإنسان جليلا فهو الذي يفتح العبقريات الراقدة - والحاجة كما قيل أم الاختراع - هذا من الوجهة الأدبية أما من الناحية الفسلجية الطبية فإن هليبرئون يقول في كتابه في الفسلجة في بحث الجوع إن الجسم يحرق في صومه المواد السكرية المخزونة فيه ويستهلك بتقتير النشأ الحيواني ولا ينال النقص القسم المخزون منه في العضلة القلبية وباقي العضلات، ولكن الشحم والدهن يحترقان بصورة واسعة ويمسيان أخيراً المنبع الوحيد للطاقة الحرارية، وأن الذي يحترق من المواد الدهنية من بدن الصائم هو الجزء المخزون في المستدوعات وفي محلات اختزانه لوقت الحاجة وذلك كما في الثرب وتحت الجلد وبين طيات الأمعاء تلك المواضع التي أعتاد البدن أن يحفظ فيها القسم الفائض عن حاجته من الأغذية ويعده لليوم الأسود؛ فليس الجسم بمحرق أثناء الصوم الدهون الداخلة في تركيب كيان الحجيرات الجسمية والمكونة لمادة البروتويلازم. أهذا ما يذكر في كتب الفسلجة وفي كتب الطب ذكروا الصوم كعلاج للسمانة المفرطة كما ذكره (سافيل) في كتابه في الطب التشخيصي وذكر (تايلار) في كتابه في مزاولة الطب إن المصابين بالسمانة الزائدة يصومون في فترات تمتد عدة أيام وقد سمح لهم بالخضر فقط مع الفواكه الطرية الجديدة مع قليل من السمك. وطبعاً أن هذا في حالة امتداد الصوم لعدة أيام فهو أشد من الصوم الإسلامي الذي ينتهي أمده في نهاية اثنتي عشر ساعة فقط فلذلك سمحوا له بقليل من الأغذية. وذكر الصوم كعلاج للسمانة في كتاب (برابس) في ممارسة الطب الذي ألفه جماعه من كبار الأطباء وقد جاء فيه: لمعالجة السمانة الطفيفة يحدد تناول النشويات والدهنيات مع القيام الزائد بالرياضة الجسمية وهذا هو أساس العلاج المنسوب إلى (بانتينك) وهذا هو رجل إنكليزي عاش (١٧٠٧ - ١٨٧٨م) وابتكر طريقته في معالجة السمانة، ويعتمد علاجه على استخدام الصوم عن الأغذية بنظام خاص. ويستمر المؤلف فيصف للسمانة المفرطة صوماً أشد. ولسنا بمقام