ففيها الكثير من الثروة الطبيعية معدة بحيث تستسيغها عقولنا وأفئدتنا
تلك هي الكمية الوافرة التي نستنشقها بأنفاسنا ونحن في خير وعافية
يكفيك إذا ما حصلته من العلوم والفنون وأغلق هذه الأوراق القاحلة،
وتعال معي حاملا قلبك الخفاق ليرقب ويتلقى مؤثرات الطبيعة
ثم أنظر إلى قصيدة قصيرة للشاعر ديفس الإنكليزي (١٧٧٠ - ١٩٤٠) وفيها يتساءل عن قيمة الحياة إذا خلت من جمال الطبيعة فيقول:
أي قيمة لهذه الحياة إذا أترعت بالعمل دون أن تبقي لنا وقتاً نقف فيه ونحلق في جمال
الكون. نقف تحت شجرة وارفة الظل ونحملق فيها كما تفعل الأغنام والأبقار. نتطلع حولنا ونحن نخترق الغابة حتى نرى السنجاب وهو يخفي حبات الجوز تحت العشب؛ ونرى في ضوء النهار مياه الغدران مرصعه بالنجوم كما تكون السماء في الليل. وننظر إلى روعة الجمال الإنساني لنظفر منه بنظرة خاطفة، ونرقب السيقان تتحرك في رقص رشيق والفم وهو ينفرج عن ابتسامة عذبة بدأت بها العينان.
فان كانت حياتنا حافلة الأعمال بحيث لا تمكننا من أن نقف وننظر ونتأمل فبئس الحياة.
ثم أنظر أيها القارئ إلى ما يقوله اللورد تنيسن (١٨٠٩ - ١٨٩٢) في قصيدة غنائية يدعو فيها إلى نبذ متاعب الحياة فيقول:
هنا موسيقى عذبة، ألحانها أرق من وقع الورد المتناثر عندما يسقطه النسيم على الأرض
الخضراء، وألطف من وقع قطرات الندى عندما تتساقط على مياه الغدير.
هنا ترى البرك العميقة المنعشة تزحف على جنباتها شجيرات اللبلاب، وترى الأزهار ذات الورق العريض تبكي فتنهمر دموعي في الغدير، بينما تتدلى أزهار الخشخاش على الحافة الصخرية كأنهما في سبات عميق.
لماذا أثقلنا كاهلنا بعبء ثقيل واستنفذنا طاقتنا بتحمل الكرب الشديد؟
بينما أرى كل الكائنات الأخرى نفضت عن نفسها عوامل الهم والإعياء وباتت مستريحة
البال. نعم كل الكائنات في راحة أبدية فلماذا نكد وحدنا نحن، نكد ونولد حولنا جواً من الكآبة والعويل الدائم، فيظل الأسى يلقي بنا من شجن لآخر دون أن نطوي أجحتنا ونكف عن تجوالنا في عالم الأحزان، ودون أن ننقع جفوننا في بلسم النوم المقدس، ودون أن