والسياسية والاقتصادية. . . ولقد أتيح لنا أن نطلع على الحديثين اللذين أذاعهما عن الأستاذ توفيق الحكيم والدكتور طه حسين، وعلى هذا المقال الذي كتبه عن (الشعر العربي في حضرموت) بالعدد الماضي من (الرسالة). ومن هذه الأحاديث الأدبية نستطيع أن نطمئن إلى الملكة الناقدة عند الأستاذ الفاضل، إذا ما خطر له أن يقيم الميزان لناقد من النقاد أو أديب من الأدباء.
وللأستاذ أن يتقبل شكرنا أولاً على حسن ظنه، وأن يثق ثانياً بأننا ماضون في إنجاز الكتاب الذي وعدنا القراء بإنجازه، ونعني به تلك الدراسة المطولة لحياة الأستاذ على محمود طه وشعره؛ وهي الدراسة التي نشرنا بعض فصولها على صفحات الرسالة. . . ولقد كنا على وشك الانتهاء من هذا الكتاب وتقديمه إلى المطبعة، إلا أننا قد رأينا أن نرجئ إخراجه بعض الوقت تبعا لما طرأ من تعديل على منهج الدراسة ومما ترتب عليه من إضافة لبعض الفصول، نلتمس ضوئها ما نتطلع إليه من كمال فني يتناسب ومكانة الشاعر العظيم.
أما عن رغبة الأستاذ الفاضل في أن نقدم إليه شيئاً من الترجمة الذاتية التي تتصل بأدب النفس فإننا نقول له: إن دراسة الشخصية الأدبية مرتبطة بالشخصية الإنسانية أمر من ألزم الأمور لكاتب التراجم ودارس الأدب وناقد الفنون. ولقد سجلنا هذه الحقيقة الفنية في مقدمة دراستنا لشعر على محمود طه حيث قلنا على صفحات الرسالة منذ شهور:(لقد درسنا حياة على طه النفسية ودرسنا آثاره الفنية. . . درسنا هذه وتلك على طريقتنا التي نؤمن بها وندعو إليها كلما حاولنا أن نكتب عن أصحاب المواهب أو كلما حاول غيرنا أن يكتب عنهم: مفتاح الشخصية الإنسانية أولاً، ومفتاح الشخصية الأدبية ثانياً، والربط بعد ذلك بين الشخصيتين لننفذ إلى أعماق الحقيقة في الحياة والفن ومدى التجاوب بينهما منعكساً على صفحة الشعور المعبر عنه في كلمات)
ودراسة الحياة النفسية لأديب من الأدباء تقتضي من الدارسين أن يتصلوا اتصالاً مباشراً بهذه الحياة بغية المراقبة والملاحظة والتسجيل. وإذن فلا مناص من المصاحبة والمعاشرة بين الناقد والمنقود، لتتكشف الشخصية الإنسانية للدارسين من خلال ثوبها الطبيعي الذي يشف عما تحته بلا تعمل ولا تكلف ولا رياء. ذلك لأن البيئة التي نعيش فيها والمجتمع