رجال التعليم طه حسين قبل توليه الوزارة وأجاب بأن هناك نظرية في الاقتصاد السياسي تقول: قد تظهر في السوق عملة زائفة يروج لها أصحابها فتتغلب حيناً على العملة الجيدة التي تكاد تختفي، حتى يجيء الحاكم الحازم فيعيد إليها اعتبارها ويقضي على المزيف. وهذا المثل الذي ضربه رفعت بك يرمز إلى الأطوار الأخيرة التي مرت بها وزارة المعارف، إذ كان بها ناس وجاء غيرهم، ثم رجع الأولون. . .
ومهما يكن من شيء - كما يعبر عميد الأدباء - فهذه حفلة التكريم، وهؤلاء المعلمون على اختلاف معاهدهم وألوان ثقافتهم يجلسون إلى موائد الشاي على أرض النادي المكسوة بالحشائش في تلك الأمسية الجميلة، والموسيقى تصدح. . . ويقف الأستاذ سعد اللبان رئيس النادي فيلقي كلمة ضافية يلم فيها بالنواحي المختلفة لشخصية طه حسين وأدبه وآرائه في إصلاح التعليم ونشره وأعقبه الأستاذ محمود حسن إسماعيل فألقى قصيدة تحدث فيها عن آمال الشعب في التعليم وما كان من المساومة في بيع العلم وشرائه - حديثا شعرياً ممتعاً، وقد حفلت قصيدته بالصور الشعرية الجميلة المطربة حتى خيل للسامعين أنه يحلق بهم في سماء النادي، والحق أنني لم أسمع ولم اقرأ لمحمود شعراً رائعاً كهذه القصيدة، فقد كان في نظري هذه الليلة شاعراً جديداً.
وألقى الأستاذ محمود غنيم قصيدة طلية الديباجة، بدأها بقوله:
أعد يا شعر أحمد من جديد ... يصوغ ثناءه في أبن العميد
وأقسم ما رفعت بذاك طه ... فأين أبن العميد من العميد
وأنا اسأل الأستاذ غنيم: إذا لم تكن رفعت بذاك طه فماذا قلت إذن؟ ولماذا استسلمت للحلية اللفظية التي قضت بأن يكون أبن العميد مثلا؟ إنني أعتقد أن أبن العميد ليس شيئاً إلى جانب أي كاتب من كتاب الدرجة الثانية في هذا العصر. وقد قال الأستاذ في أبيات أخرى إن طه حسين يعيد عصر الرشيد! فهل قصارانا الآن أن نعيد عصر الرشيد؟!
ثم تحدث الأستاذ محمد رفعت بك المستشار الفني لوزارة المعارف، ويظهر أنه قدر أن المقام مقام بلاغة وبيان، فاصطنع السجع في كلمته ليجاري بها في الحلبة، ولكن الأستاذ رجل مفكر وأسلوبه سهل ولا بأس به؛ فما كان أغناه عن ذلك السجع!
وبعد ذلك وقف معالي الدكتور طه حسين بك فأرتجل كلمته التي بدأها بقوله: أيها الزملاء،