جميع ما وهبه الله من مواهب صالحة، ونحفظه من كل السيئات التي تضره أو تجعله ضارا بغيره. ويمكن أن ألخص هذا الهدف العام في القول بان التربية الحديثة تهدف إلى أن يكون تفكير الفرد جمعياً وتفكير الجماعة فردياً، فالواحد للكل والكل للواحد.
عرفنا ماهية التربية البدنية عامة ونعرف أننا أنشأنا لها المدارس والمعاهد والكليات وحقول التجريب والتدريب فهل ندخل في أثناء أعمال التربية في هذه المنشات توجيهات وتدريبات وخبرات يستفيد منها وبها الذين نربيهم من أوقات فراغهم، طبعاُ نعم.
فواجب مسلم به أن يهتم المربون بالفراغ في أوقات تلاميذهم. بل وان تهتم الحكومات بالفراغ في أوقات جميع طوائف الشعب وفرقه. فوزارة الشئؤن الاجتماعية أرى من اختصاصها أن تتدخل في تنظيم أوقات الفراغ لطوائف الشعب كافة كل طائفة على حسب مهنتها ومنطقها. ويسرنا أن نرى اتجاها سلكته وزارتنا في هذا السبيل فأنشأت الساحات الشعبية يقصدها أفراد الشعب أحرار في أوقات فراغهم حيث الكثير من أعمال الرياضة والعابها، وكم يكون أكمل لو نظمت فيها الأعمال الثقافية بجانب الرياضة في كل ساحة. ثم أريدها تتدخل لتحدد للزارع والصانع والعامل والموظف والتاجر أوقات وأيام ومواسم فراغه وحالتئذ يمكنها أن تصل بهذا الفراغ المنظم أن يكون خيراً كله للفرج وللمجموعة معاً.
فلنتعرف الفراغ ولنحصره - الفراغ هو الوقت الذي تبتعد عنك فيه المسؤولية المهنة أو تبعات الوظيفة ولو إلى حين. فعندما تنتهي من عملك المطلوب منك بحكم مهنتك كعامل أو وظيفتك كموظف أو تجارتك كتاجر أو بحثك كباحث أو عالم - حين هذا الانتهاء تشعر بشيء من الارتياح يسري فيك فيبعث في نفسك السرور ونشاطا قد يغطي ما اعتراك في أثناء العمل من نصب وكبد. ولا أجزم أن يشعر المنتهي من المسؤولية هذا الشعور السار المريح دائما، فهو شعور يتوقف على حالة الانتهاء وما سبقها من فوز أو فشل ومن توفيق أو خطأ.
وعليه فأرى أن الوقت الذي يصرفه الشخص في التخلص من حالة العمل والمسؤولية وفي الاستجمام الجسمي أو العقلي أو هما معاً، وفي التهيؤ لعمل جديد - أرى هذا الزمن بين العملين داخلا ضمن وقت العمل ولبس بفراغ. فالفراغ يبدأ من بعد هذا. والآن فلنوضح