النقد لم يجدوا أمامهم غير العبارة الخالدة:(شاعر متين السبك قوي الحبك مشرق الديباجة)، كما تعبرين أنت في رسالتك. أو كما كانوا يقولون:(شاعر أني بما أخجل زهر النجوم في السماء وأزرى بزهر الربيع في الأرض)
عفا الله يا آنستي عن موازينك عندما تصفين قصيدة الأستاذ حداد بالتفاهة أو بأنها هذيان محموم. صدقيني إذا مكان شعر الأداء النفسي من خلال منظارك هذيانا فإنني أرحب بهذا الهذيان ولن أقيم لغيره الميزان! ومعذرة للمرة الثالثة إذا قلت لك إننا لو جردنا نقدك من بعض اللمحات العابرة، لما بقي منه شيء ذو خطر يمكن إن يحدد مكان كل منهم تحديدا فنيا يقوم على قواعد وأصول إذا لم يجدد شبلي الملاط في أخيلته والفظه ومعانيه، قلت عنه أنه عتيق في إبكاره وصوره ولا أثر للتجديد في شعره. وإذا جدد يوسف حداد وحلق في آفاق يعز بلوغها على كثير من الشعراء، قلت عن هذا التجديد أنه تافه أو هذيان محموم! ألا توافقني على انك مضطربة في أحكامك متناقضة في آرائك من حيث لا تشعرين؟!
ثم من قال لك يا آنستي أنه ما من شاعر استطاع أن يرسم خطى شوقي أو يجيد صوره واناقة بيانه وصفاء ألفاظه كما استطاع أنور العطار؟ هل تستطيعين أن تقدمي لنا نموذجا من شعر هذا وآخر من شعر ذاك، لتثبتي لنا مدى التوافق بين أفق وافق وبين جناح وجناح وبين أداء واداء؟ أم أن هذه مسالة مفروغ منها بكلمة مماثلة لا تنهض على اساس، كما فرغت من الحكم على يوسف حداد بكلمة مماثلة لا تنهض هي أيضاً على أساس!؟ وإذا كان أنور العطار قرينا لشوقي كما تريدين لي أن أقتنع ن فهل أخرج من هذا الهوى أعاف ما أنت (عطاريته) كما تقولين؟!
اضطرب في أحكام ومناقض. . . بل وتحامل. ولو لم يكن همك تحامل لما تعمدت أن تقفي عمد ثلاثة أبيات أو أربعة من شعر الأستاذ حداد لتلغي في ضوئها بقية قصيدة أو بقية شاعريته وان تحرصي كل الحرص على اختيار عشرين بيتا من قصيدة الأستاذ العطار هي قلبها النابض بالحياة! هذه حقيقة ليس إلى إنكارها من سبيل. . ومن العجب أن الأبيات التي وقعت أنت عندها في قصيدة الأستاذ حداد هي قلبها بعض ما وقفت أنا عنده وسلكته في عداد المآخذ والعيوب، ولكنني على الرغم من هذه المآخذ وقفت عند مقطوعات أخرى أملت على أن اصف جناح الأستاذ حداد بأنه من الأجنحة النفسية في أفق الشعر العربي