للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي شيء صفا وطاب=لفؤادي وناظري

ومضى دون ما إياب ... لم ينتف مجاجري؟!

لا بظفر ولا بناب ... بل بشوك الخواطر

عند لمس الهوى المصاب ... هان نهش الكواسر

هكذا يلجم العباب ... فئ دمع المهاجر

أرم عينيك يا سحاب ... أن بكى قلب شاعر!!

أنا أشقى ليسعدا ... لي وراء الأنام جار

واغني ليزهدا ... بهتاف الضحى الهزاز

واهز المهنا ... كي تلف القنا يغار

وارش اللظى ندى ... عل ريق اللما يغار

ضاء شمعي ورمدا ... في ليالي الهوى القصار

كي يطيل البلى غداً ... شوق عظمي إلى النهار!

هذا يا آنستي شعر. . . شعر لا نظير له عند أبي ريشة ولا عند العطار. . . . شعر فيه هذه (الرؤية الشعرية) الصادقة التي ترمز إلى الاستشفاف الدقيق للحقائق؛ سواء أكانت في حدود المنظور أم خلف حدود المنظور، في محيط الوعي أم فيما وراء الوعي في نطاق الاستيطان النفسي أم في نطاق التناول الحسي وفيه هذه (الموسيقى الداخلية) التي تعبر تمام التعبير عن حالة شعورية خاصة طبعت أداء الشاعر بطابع صوتي خاص، تلمسينه في تهدج النفس الشعري وتموجه وفي إسراعه واندفاعه، أنها موسيقى النفس لا موسيقى اللفظ، تلك التي تتسلل إلى القوى الخفية المتناثرة في آفاق الشعور، والتي يعتمد على قيمتها الصوتية في النهوض بالأداء وفيه هذه (الواقعية النفسية) التي تشرف عليها ملكة (الوعي الشعري) وتنسج خيوطها من أعماق الهزة الوجدانية، وتعرض الفكرة من خلالها ملفعة بسبحات الروح أو موشحة بنفحات العاطفة، أو مدثرة بتلك الغلائل التي تكشف عن تفاعل الأصداء الكونية في ساحة الوجود الداخلي. . . . وفيه هذه (الملكة التخيلية) التي تجعل من الحركة الجامدة حركة حية، ومن الكون المادي الصامت كونا يموج بالمشاعر والأحاسيس، ومن الصورة التي تعز على اللمس صورة تداركها الحواس، حتى لتوشك أن تنالها الأيدي

<<  <  ج:
ص:  >  >>