هذا يا آنستي شعر. . . شعر لا نظير له عند أبي ريشة ولا عند العطار. . . . شعر فيه هذه (الرؤية الشعرية) الصادقة التي ترمز إلى الاستشفاف الدقيق للحقائق؛ سواء أكانت في حدود المنظور أم خلف حدود المنظور، في محيط الوعي أم فيما وراء الوعي في نطاق الاستيطان النفسي أم في نطاق التناول الحسي وفيه هذه (الموسيقى الداخلية) التي تعبر تمام التعبير عن حالة شعورية خاصة طبعت أداء الشاعر بطابع صوتي خاص، تلمسينه في تهدج النفس الشعري وتموجه وفي إسراعه واندفاعه، أنها موسيقى النفس لا موسيقى اللفظ، تلك التي تتسلل إلى القوى الخفية المتناثرة في آفاق الشعور، والتي يعتمد على قيمتها الصوتية في النهوض بالأداء وفيه هذه (الواقعية النفسية) التي تشرف عليها ملكة (الوعي الشعري) وتنسج خيوطها من أعماق الهزة الوجدانية، وتعرض الفكرة من خلالها ملفعة بسبحات الروح أو موشحة بنفحات العاطفة، أو مدثرة بتلك الغلائل التي تكشف عن تفاعل الأصداء الكونية في ساحة الوجود الداخلي. . . . وفيه هذه (الملكة التخيلية) التي تجعل من الحركة الجامدة حركة حية، ومن الكون المادي الصامت كونا يموج بالمشاعر والأحاسيس، ومن الصورة التي تعز على اللمس صورة تداركها الحواس، حتى لتوشك أن تنالها الأيدي