السياسة، وسياسة الأنانية بالذات، هي الباعث على التجمع والائتلاف، ويوم لا يكون هم العالم إلا الدفاع أو الهجوم فقل على الإنسانية وتراثها ألف سلام.
والأركان السليمة التي لا تتصدع مهما تكن عوامل التعرية إنما يدعمها الدين المتين، واللغة القومية، والهدف النبيل، والماضي المؤلف، والأمل المشترك، وتلك هي (الجامعة الإسلامية) التي وضع بعض لبناتها دعاة القوة في ماضينا أمثال: الأفغاني ومحمد عبده ومصطفى كمال، والتي لن يكون للعالم المترنح خلاص إلا بها، فقد اكتملت معداتها، وتهيأ لها الفرد، واكتمل فيها الدستور، واتضحت الوسيلة والغاية، وتغلغل الإيمان بها في كل قلب، واستنار العقل بما عنده وعند غيره في الماضي والحاضر، وليس إلا دور النزوع والخروج من حيز الأمل إلى ميدان العمل، العمل الإيجابي المنتج في غير تراجع أو نكوص. أما (جامعة العرب) فلم يغمض الاستعمار عنها جفنة. ونحن لا نستطيع جدالا في أصالتها وتعمق جذورها، وستظل إلى وقت غير بعيد إرهاصاً يبعث جديد لأمها الكبرى (جامعة الإسلام) وهي العروة الوثقى التي لا انفصام لها.
ولن يغيب عنا أن سياسة الاستعمار الذري أو التحطيم العصري تتربص بنا، وتنغل في الداخل والخارج بشتى الأساليب ما ظهر منها وما بطن، غير أن البداهة المنطقية تقول إن القوة لا تفنى إلا بالقوة و (لا يفل الحديد إلا الحديد) والحكمة تقتضي أن أتغدى بالعدو قبل أن يتعشى هو بي.
وليس ببعيد أن تقوم دول الاستعمار جملة لا فرادى، ومتضافرة لا منفردة، وقد رفعت بعض أحقادها وضغائنها على الرفرف ووضعت أيديها في يد الشيطان في سبيل الشيطان، وبذلك وحده تواجه أهدافها بقوة واتحاد، متحايلة حينا، صريحة سافرة حينا آخر، فتجتمع على الأسلاب والغنائم ثم تنصرف إلى أوكارها تتوزع الجراح، وتقتسم الأشلاء، والدماء الزكية الطاهرة تسيل من أشداق الوحشية الذرية. . .
هذه هي (هيئة الأمم المتحدة) هل تزيد صورتها شيئا عن (عصبة الأمم) وهل تغيرت مبادئ ولسون شيئا بتغير الزمن عن ميثاق الهيئة؟. كلا غير أن شيئا واحدا يجب ألا ننساه هو أن العصبة الجديدة قد تمخضت عن القرن العشرين أو قل القرن الذري. وأخشى ما نخشاه أن يتحول العالم في القريب غير العاجل إلى جزيرة بيكيني ليكون اسمه الجديد