وهناك: الحسد والحقد والبغض والألم وعدم الاستقرار الذي نسميه خطأ بالسرور لا تجد لها سبيلاً في دنياه فلا تصيبه ولا تضنيه
وهو هناك في مأمن من أن يصاب بعدوى الشرور الدنيوية.
ولن يندب بعد اليوم فؤاداً التاع أو رأساً أشتعل شيباً.
إنه يعيش ويصحو، والذي تلاشى هو (الموت) وليس (هو)
إذاً لا تندبوا أدونيز: لا تندبه أيها الفجر، أضف جلالك وعظمتك على قطرات الندى، لأن الروح التي تندبها لم تفارقك.
وأنت أيتها الغابات والكهوف كفي عن العويل
وكفي أنت أيتها الأزهار والينابيع، وأنت أيها الهواء الذي ألقيت بوشاحك على الأرض كما تلقي النادبة خمارها الأسود على وجهها، أكشف الآن هذا القناع عن العالم ليتمتع برؤية النجوم الضاحكة.
لقد أتحد الآن مع الطبيعة ليكونا عنصراً واحداً: فصوته يسمع في جميع أنغامها المنسجمة: في أنين الرعد وترتيل الطيور، ونحن نشعر بوجوده في الظلام والضياء وبين الأعشاب والصخور ينشر نفسه حيثما تتحرك القوة الإلهية التي أخذته إلى جوارها تلك القوة التي تعالج أمور العالم بمحبة وحكمة.
إنه كقبة الفلك العظيمة الشامخة علواً وارتفاعاً، وكالشمس يتطرق لها الكسوف لكنها لا تتلاشى، وكالنجوم تسير إلى مستقر لها لا تتعداه، والموت ضبابة كثيفة تحجز نور الشمس ولكن لا تطمسه أبداً.
وفي نهاية هذه القصيدة يشعر بدنو أجله بدافع غريزي عجيب ويدعو الموت الذي لم يمهله أكثر من عام بعد ذلك فيقول:
إيه يا قلبي! مالي أراك متثاقلا متوانياً.
لقد ذهبت كل آمالك وخلفتك وحيداً
فلنغادر هذا العالم إذا
هاهو وجه السماء الرقيق يبتسم، والريح الهادئ يهمس؛
إنه نداء من (أدونيز) فلأسرع إليه