وزير أو كبير على أن يمضي في طريقه إلى حد التبجح أحيانا بالمحسوبيات والاستثناءات.
لست أنكر أن كثيراً من هؤلاء الموظفين الأمناء الشرفاء المتواضعين الذين تقفز على رؤوسهم (الكلاب) يضطلعون بأعباء عائلية، ويخشون نقمة الوزراء والرؤساء، ويخافون على لقمة الخبز أن تؤخذ من أفواه أطفالهم ومن يعولون من آباء وأمهات وأقرباء. . . ذلك حق. . . ولكنه لا يبرر السكوت.
ماذا يملك الوزير الذي يرقى مائة في وزارته بالاستثناء، لو أن مئات الموظفين الآخرين أسمعوه صوت غضبهم على تصرفه المعيب؟
إنه لا يملك أن يرقيهم جميعاً بالاستثناء، ولا يملك كذلك أن يطردهم جميعاً من وزارته. ولكنه يملك أن يتعلم أن هؤلاء الموظفين في وزارته ليسوا (عبيداً) في ضيعته. أعني أنه يملك أن يكون أكثر (أدباً) ولو أنه وزير!
إنني لا أملك أن أسمي سياسة القفز بالوصوليين والمحاسيب والأصهار إلا (سوء أدب) منشؤه أن التربية السياسة للشعب لم تنضج بعد، ليستطيع أن (يربي) أصحاب السلطة فيه، كما ينبغي أن يكون!
وهكذا ترى أن هؤلاء الأمناء الشرفاء من الموظفين مسؤولون عما يناله الوصوليون المحظوظون. فليجربوا مرة أن (يؤدبوا) ذلك الرئيس الذي يتخطاهم، ولن يكلفهم هذا إلا أن يبلغوه صوتهم متضامنين.
وتقول:(من حقي أن أكون قرفان) من جانب حالتنا التي لا تسر
لست أحاول أن أمنعك من (القرف)! ولكني أحب أن يستحيل هذا (القرف) سخطاً. نحن في حاجة إلى السخط على أوضاعنا الحاضرة لا إلى (القرف) منها. فالسخط معناه أن ننفض أيدينا من يائسين.
وإذا آمنا بأن لنا رصيد من كنوز الطبيعة الأرضية ومن كنوز الطبيعة البشرية. على السواء وأن حفنة من (الباشوات) و (الكروش) هي التي تهمل ذلك كله وتقبله؛ فإنه يكون أمامنا أن نضع شيئاً، أن نجمع كل العناصر الساخطة المتيقظة لتنشئ سياسة جديدة. وليس من الضروري أن ننتظر الحلول الجاهزة من (موسكو) كما يحاول أحيانا بعض المخدوعين