للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: أأعاني أنا هنا وأصبر، وأنت هناك تستمعين؟

قال: هذا خيال شاعر فيه المبالغة

قلت: إن الزوجة - في رأيي - إنسانة خلقت لتستفرغ الجهد في أن توفر للزوج الراحة وتلتمس له الهدوء وتعينه على وعثاء الحياة وتزيح عنه ضنى العمل، فإن هي ضاقت بوظيفتها فنفرت عنها أصبحت شيئاً غير الزوجة وغير المرأة وغير الإنسانة

قالت حقا، ولكن الرجل كثيراً ما ينكر عليها إنسانيتها فيغفل حقها في أن تهفو إلى الراحة أو تحن للمتعة، فيدفعها إلى أن تسعى هي لتوفر لنفسها الراحة والمتعة

قلت: والزوجة إن سيطرت عليها الأنانية الوضيعة فقدت روح الأنوثة والإنسانية معاً، وهذه أول ضرة جاسية من معول الحمق تسددها هي لتقوض ركن الدار وتهد عمار الأسرة)

قالت (وأي أنانية في أن أطلب لوحيدنا الشفاء والصحة؟)

قلت (سنفعل معاً، ولكني أخشى أن تذهبي من دوني فتتلقفك ذئاب الشاطئ وهي منبثة على طوله)

قالت (ذئاب الشاطئ؟ إذن أنت تتهمني في عقلي وفي كرامتي!)

قلت (لا، ولكني أعرف عقل المرأة، سبرت غوره وعجمت عوده!)

قالت (وأنا فتاة - كما تعلم - سموت بنفسي عن الشبهات. صقلت علي بالعلم، وشذبت تجاربي بالمعرفة، فترفعت عن الخطأ وعلوت عقلي الزلل)

قلت في تهكم (العلم! آه، العلم!)

قالت (وماذا في العلم؟)

قلت (هو داء الغرور الذي إن دخل عقل المرأة تفلسفت فيه الفضيلة. والفضيلة - إذ ذاك - تتفلسف لتخلق مذاهب منها الثورة على طبيعة المرأة، ومنها الحرية التي لا تحدها شريعة، ومنها الشارع. . . ومهما تكن المرأة فهي خلق يبهره الألق ويهزه الإطراء وتنطلي عليه الخديعة. . .)

قالت (وهب أنني من الغرور والجهل بحيث لا أستطيع أن أمسك نفسي عن الانزلاق إلى الجريمة، فكيف يتأنى ذلك وأنا بين أهلي: أبي وأمي وأخوتي؟ هذا كلام - ولاشك تزوقه

<<  <  ج:
ص:  >  >>