في لباقة لتصرفن عن الغاية التي أصبو إليه. . . عن السفر في رفقة أهلي!)
قلت (الغاية التي أصبو إليها. . . الغاية التي اصبوا إليها!)
وأصرت هي وأصررت
وحين احتواني الفراش اكتنفتني خواطر متناقضة سلبتني الراحة، وحدثني الشيطان حديثاً طويلا حرمني لذة النوم. وتراءى لي من خلال أخيلتي أنني إن حبست زوجتي عن (الغاية التي تصبو إليها) لا تعدم أن تجد خلاصاً فتتغفلني فتطير إلى دار أبيها تتصنع الخصام وتأبى الصلح حتى يحين موعد السفر فتنطلق في ثنايا الركب، وأنا أرى ولا أستطيع أن أمد يدي ولا لساني، فيأكلني الغيظ ويطحنني الكمد لأن فتاة من بنات حواء سخرت مني وعبثت بي. . . عبثت بي أنا، فعقدت العزم على أن أستسلم رويداً رويداً ثم أحتمل وأصبر
وانطلق الركب إلى المصيف، إلى الحياة الرفافة، إلى الحرية الحيوانية. . . انطلق ليخلفني هنا - في القاهرة - أقاسي شدة القيظ وعنت العمل وفراغ الدار وضيق النفس وشعرت - لأول مرة - أن الزوجة هي روح الدار وبهجة الحياة وسكن النفس، وأحسست - أيضاً - بأنها شيطانة دربت على أن تسلك إلى حاجتها من منافذ فيها الختل والخداع. وقضيت أياماً أسلي القلب بالعمل فما يتسلى، وأصرف الهم بالمطالعة فيما ينصرف، واختلطت عليّ أمور الحياة وأمور العمل، فانحطت قوتي ووهي جلدي وثارت جائشتي، فقر الرأي على أن أنطلق إلى زوجتي أنزعها غضباً من بين أهلها. . .
وجلست إلى نفسي - ذات ليلة - أدبر الأمر، فخيل إلى أنني مريض أتقلب على الفراش وحيداً، لا أجد اليد الرفيقة التي تؤاسي، ولا القلب الرقيق الذي يعطف، ولا الرفيق الطيب الذي يرق، فطرت إلى دار أخي أتلمس العزاء والسلوى
وفي الصباح طلبت إلى رئيسي أن يأذن فأبدا إجازتي السنوية، فأنطوي عني في إباء وصلف، فرحت أصب خواطري على قرطاس أبعث به إلى زوجي عسى أن ترتد عن الغواية أو تثوب إلى الرشد، فكتبت إليها (. . . الآن لا استمرئ الطعام ولا أستعذب الشراب ولا أحس لذة الشباب ولا متعة العافية. وأرى الدار أمامي خاوية تصفر فأهرب منها خشية أن يفجأني مرض الكلى - وأنت تعلمين أنه يعاودني بين الحين والحين - فلا أجد العون ولا الساعد ولقد ساورتني الهموم فسدت على السبيل جميعا إلا سبيلا واحداً هو