علاج الأمراض الجسمانية بالتحليل النفساني والتغلغل في أعماق العقل الباطن للكشف عن العقدة التي هي أصل كل داء وبلاء. وفي الحديث الشريف (من كثر همه سقم بدنه).
ومما يعرف عن (الفارابي) أنه ابتدع آلة موسيقية عزف عليها مرة فأضحك ثم عزف فأبكى، وأخيراً عزف فنام من أضحكهم وأبكاهم.
كما أن (ابن سينا) كان يعالج المرضى بالوهم، بالإيحاء النفساني، وقصته مع الرجل الذي أصيب بالمانخوليا فغلب على ظنه أنه بقرة، معروفة مشهورة.
كذلك الحالة العقلية ينتظم ميزانها غالباً وفق الحالة الوجدانية، فقد أجريت تجارب على أطفال، اصطنعت أمامهم عوامل الخوف ولوحظت نتائجها في إجاباتهم على أسئلة وجهت إليهم.
وقد يعجب الناس من هذه (الطاقة) الأدبية التي تنفذ أشعتها إلى أعماق الشعور وتتردد في جوانبه، والأعجب من ذلك، ما بين الكيمياء والأدب من صلة وثيقة حتى في الصيغة اللغوية: تفاعلات وانفعالات.
ولكن يزول العجب إذ نسمع مثلا الشاعر العربي يقول:
وإني لألقي المرء أعلم أنه ... عدو، وفي أحشائه الضغن كامن
فأمنحه بشرا، فيرتد قلبه ... سليما، وقد ماتت لديه الضغائن
فهنا تفاعل بين بسمة الشاعر، وضغن العدو، يستحيل به القلب سمحاً كريماً، وذلك هو الصدى الذي توحي به الآية (الكريمة)(ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) ولا شك في أن هذا الإيحاء الصادر عن تلك الطاقة هو السفير الشعوري الذي يقوم بهذا الدور المحمود.
ومن هذا الباب أيضاً ما يروى عن الأعرابية التي ولدت أنثى، فهجرها زوجها وظل وجهه مسوداً وهو كظيم، من سوء ما بشر به كعادة الجاهلية، فلما مر بخيمتها ذات يوم سمعها تقول: