للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وظننت بعدها أنه منقطع عن صحبتي الناقدة البغيضة ولكنه أصر عليها فأصررت على التنبيه.

غاب إن لقائي أشهرا طويلة فحمدت الله في نفسي، فليس أثقل علي من أن أواجه مخطئا بخطأه، ولا يسعني أن أسكت وشخص يعتبرني صديقا يتردى في هاوية بعيدة لا أعلم إلى أين تنتهي به.

كان والده رجلا عظيما على أوثق صلة بكبار القوم؛ وقد استطاع هو أن يصل إلى صحبة هؤلاء عن طريق أبيه فأكرموا فيه ذكرى والده، واستطاع أن ينفذ من أبواب الحكام الموصدة فكان يقضي هناك أمورا. كان لا بد لأصدقائه أن يعرفوا اأيضاً هذه المكنة التي بيد صاحبهم فاستغلوها منه وصاروا يرجونه أن يتوسط ليقبضوا هم الثمن. وبلغتني هذه الأنباء في الشهور التي انقطع عمي فيها، وأخبرني من أبلغها أن الثمن يصل في النهاية إلى جيبه هو.

ألمت للوالد الكبير، يقضي عمره ليحيط اسمه بالسمعة الشريفة، ويقضي نحبه فيلوث الوارث السمعة. . . ألمت وحمدت الله ثانية أن انقطع عني فلم تصبح ثمة صداقة أنا ملزم أمامها بإخلاص النصح وإزجاء النقد.

ولكن لا. . . إن الصديق لم ينقطع عن عزوف. ولكنها مشاغل بين صحبة سريرة وعمل غير كريم - لم تكن صداقة مقطوعة ولكنها كانت صلة موقوفة.

قصد إلى حيث يجدني. . . على وجهه من الأسى أمارة ومن الغباء إمارات.

- سلام عليك!

- وعليك - خيرا! إفراغ جئت تملأه بهذه الجلسة

- بل هم جئت أجلوه بالجلوس إليك

عفوا. . . منذ متى أزيل أنا همك. . . اذهب إلى أصدقائك واصحبهم إلى ليلة معربدة ينطقون بمديح يبدل همك أفراحا. . . خبرني بربك - ألا تمل المديح.

- أراك قاسي القلب. . . حزين يقصد إليك فتسخر منه

- لا والله ما إليها قصدت ولكنني أسأل مخلصا في السؤال ألا تمل المديح؟

- ألا تسأل عما أنا فيه. . . أليس ذلك أولى بالصديق؟!

<<  <  ج:
ص:  >  >>