مضرة فاجعة وخسارة قاصمة. ولاشك في أن القلق قد حطم عشرات الآلاف من الناس ولكن لو اجتمعت الأوبئة والحروب والمجاعات لما أمكن أن تفتك بالعباد، فتك القلق. والتاريخ مشحون بألوان الدمار التي ألحقها بالعالم هذا الثالوث الذي يتهاوى ويتضاءل أمام القلق.
إن القلق لا يوقد النار ولا ينفخ البوق ولا يضرب النفير ولا يدق الطبول ولا يترك صفوفاً من الأشلاء في الحومة ومنازل الوقائع منا تصنع الحروب. . . أنه لا يسقع المزارع ويدقعها كما يصنع القحط. . . أنه يشبه السوس الذي ينخر خلسه في الغلال ويفسد. . . أنه كالدودة التي تسطو في هدوء، على مزارع الأقطان وتيبسها. . . أنه يشبه اللص - ينسل خفية إلى عقلك وقلبك، ويبدأ عمله المهلك - وهو العمل الذي يفضي آخر الأمر إلى المرض والموت، ما لم تسارع إلى رد عرامه، حبس عنانه والضرب على يده. . . أفلا يجمل بنا بعد هذا كله أن نطرح عنا جوالق همومنا، ونحيا حياتنا، ونتقبل كل يوم من أيامها - كما يجئ!!