يكون فارق بين المصري والسوداني والسوري واللبناني والعراقي والحجازي والجاوي والهندي والأفغاني والمغربي، ولا يشعر الزميل نحو زميلته إلا بالأخوة وما فوقها، وللعلم كما للدين حرم، ومن دخله كان آمناً، وصدق نشيد الجامعة الذي وضعه الدكتور عبد الوهاب عزام:
جامعة ألفت القلوبا ... أبا ترانا وأخا محبوباً
واليوم نذكر أم الجامعات المصرية، فنعتز بذكراها في عيدها الذهبي، ونفخر بأفضالها. ولو قد أتيحت لنا في أيام دراستنا، هذه التيسيرات التي تمت وتتم سراعاً لطلبة اليوم في مدينة فاروق الجامعية، لطاولنا الجوزاء. فليهنأ جيل الفاروق بما يلقي وبما سيلقى، بعد أن أصبحت جامعة القاهرة أم النجوم الزاهرة، تتلألأ في ربوع الإسكندرية وأسيوط وطنطا والمنصورة وهذا جيش النور يكتسح فلول الظلام، حتى يسدل الستار على مأساة الجهالة.
وهذا شباب الوادي، يهرع إلى مناهل العلم في شتى جامعات العالم ليعود إلى الوطن المفدى نافعاً ومعيناً.
وهذا هو النشاط الجامعي كما عهدناه، وساهمنا فيه، فاغتذينا وارتوينا.
فإذا أردنا أن ننكص على أعقابنا، وأن نرجع إلى عصر الكتاتيب التي خيمت عليها عناكب الجهل، وآوت إليها خفافيش الليالي السود. فلنهدم الجامعة.
وإذا أردنا أن نعود إلى عهد الاحتلال، عهد الاستعباد والاستذلال، عهد الأصفاد والأغلال. . عهد الفلكة والعصا. . فلنهدم الجامعة.
وإذا أردنا أن نرمي بفلذات أكبادنا، وصفوة شبابنا، وعدة مستقبلنا بين أحضان الفتنة، ونقذف بهم في تيارات الفساد الجامح، والضلال الجاحم. . فلنهدم الجامعة.
وإذا أردنا لهذه الأمة الفتية ألا يقال لها عثار، وألا تنهض بعد كبوة. . وإذا أردنا لمعالم (القومية) أن تندثر إلى الأبد وإذا أردنا للإسلام العروبة والشرق أن تتلاشى جميعا. . فلنهدم الجامعة