الطبع والتلوين والصور كل هذا على ضوء علم النفس والتجارب التي أجريت على آلاف الأطفال؛ أما من الناحية المزاجية فأسمع كيف يعرض علماء النفس والتربية لأهميتها فيقولون: أن أهم عامل في استجابة الطفل للتعليم سواء أكان مبكراً أم متأخراً هو حالته المزاجية فعلى المدرس أن يسأل هل هذا الطفل (الذكي) سليم الجسم مملوء بالحيوية؟ فإذا لم يكن كذلك فالواجب تشجيعه إلى اللعب في الهواء الطلق وأن يقلل من عمله داخل الفصول؛ ومن الناحية الاجتماعية يسأل نفسه أيضاً هل الطفل الذي أظهر قدرة ممتازة في أعماله المدرسية منسجم في صلاته مع إخوانه؟ إن كثيراً من هؤلاء المتفوقين في الأعمال المدرسية مغمورون من الناحية الاجتماعية من حيث أتحاذ أصدقاء اللعب وهم يفشلون في حياتهم العامة لأنهم لم يستفيدوا من نباهتهم في تكوين الأصدقاء ومعرفة أساليب الحياة العامة. فإذا اكتشف المدرس هذا النوع من التلميذ فالواجب عليه أن يحثه على اللعب مع إخوانه على أن يلعب دوره جيداً في ملعب الكرة والتنس وغيرهما من الملاعب فإنها ذات قيمة في حياته تعود القدرة على حفظ درسه جيدا. . .
هذه بعض الخطوط العامة للسياسة التربوية كما تؤمن بها وتنفذها الأمم الحية. فماذا فعل الأزهر وهو جزء له كيانه البارز في هذا العصر إزاء هذه السياسة التربوية؟؟ الدراسة لا تزال تدور حول محور الطريقة الالغائية وتشنيط الذاكرة. أما مراعاة الفروق الفردية فلا يعرف عنها شيئاً ولا تزال الكتب من حيث أسلوبها ومادتها يعوزها الشيء الكثير حتى تفد في قدرتها الإثمار. أما العناية بالجانب الوجداني للتلميذ؛ أما تشجيعه على البحث؛ أما تكوين عادة فكرية سليمة؛ أما العناية بتفاعل الشخصية للتلميذ؛ فكل هذه أسئلة نترك للأزهر الإجابة عنها؟
هل آن للأزهر أن ينظر إلى تلك الوديعة التي استودعتها الأمة عنده تلك النظرة الإنسانية. ويعلم أنه مسؤول أمام الله؛ والوطن؛ والأجيال القادمة عن تنشئة هؤلاء على ما ينشأ عليه أبناء العصر، وكما ينشأ أبناء هؤلاء الذين يشرفون على سياسة الأزهر العلمية. وأنه مسؤول أيضاً عن هذه الأزمات الخلقية والعقلية التي مبعثها اختلاف عقليتين؛ وثقافتين؛ واتجاهين لأمة واحدة. وأن كل تقصير في هذا الإعداد هو جناية علمية؛ واجتماعية؛ وخلقية؛ تطبح من آثامها الأرض؛ وتشكو السماء