للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بكل شيء عليم). فقد يبدو للنظرة العجلى أن المشبه وهو نور الله أقوى من مصباح هذه المشكاة، ولكن نظرة إلى الآية الكريمة، ترى أن النور المراد هنا هو النور الذي يغمر القلب، ويشرق على الضمير، فيهدي إلى سواء السبيل أولا ترى أن القلب ليس في حاجة إلى أكثر من هذا المصباح، يلقي عليه ضوءه فيهتدي إلى الحق، وأقوم السبل، ثم ألا ترى في اختيار هذا التشبيه إيحاء بحالة القلب وقد لفه ظلام الشك، فهو متردد قلق خائف، ثم لا يلبث نور اليقين أن يشرق عليه، فيجد الراحة والأمن والاستقرار، فهو كساري الليل يخبط في الظلام على غير هدى حتى إذا آوى إلى بيته فوجد هذا المصباح في المشكاة وجد الأمن سبيله إلى قلبه، واستقرت الطمأنينة في نفسه وشعر بالسرور يغمر فؤاده.

وإذا تأملت الآية رايتها قد مضت تصف ضوء هذا المصباح وتتأنق في وصفه، بما يصور لك قوته وصفاءه، فهذا المصباح له زجاجة يتلألأ كأنه كوكب له بريق الدر ولمعانه؛ أما زيت هذا المصباح فمن شجرة مباركة قد أخذت من الشمس أوفى نصيب، فصفا لذلك زيتها حتى ليكاد يضيء ولو لم تمسه نار. ألا ترى أن هذا المصباح جدير أن يبدد ظلمات الليل، ومثله جدير أن يبدد ظلام الشك ويمزق الكفر والنفاق. وقد ظهر بما ذكرناه جمال هذا التشبيه ودقته وبراعته.

يتبع

أحمد أحمد بدوي

مدرس بكلية العلوم

<<  <  ج:
ص:  >  >>