كبره شيئاً فشيئاً. فابتدءوا الحفظ ثم الفهم ثم الاعتقاد والإيقان والتصديق به. وذلك مما يفعل في الصبي بغير برهان.
نقف الآن فنستعرض ما مر بنا من أقوال الغزالي استعراضاً سريعاًَ لنرى فيها نظريات نفسية معتبرة وقواعد علمية مقررة، نرى احسن وصف لمعاني العقل وصفاته واحسن تقسيم لهذه المعاني والصفات، نرى وصفاً دقيقاً للعقل الباطن والعقل الواعي والوحدة العقلية ومظاهر الشعور الإنساني. ويدهشنا حقاً أن نرى هذه المعرفة الزاخرة بأسرار العلم الحديث عن الاستهواء الذاتي الخارجي، وهو اليقين الذي يستولي على القلب، وما هذا اليقين الذي يستولي على القلب إلا ما يسميه على النفس الحديث بانقسام الشخصية أي انفصال الآراء والذكريات والعواطف والمعارضة للفكرة الموحى بها ووقوفها موقفاً سلبياً في حين أن الآراء والانفعالات المؤيدة هي التي تكون بارزة في الشعور ومتخذة موقفاً إيجابياً.