أشكر للشاعرة الفاضلة أدب الخطاب ولطف العتاب. وأبادر فأرد هذا التعقيب المتأخر إلى تغيبي عن القاهرة طيلة شهر كامل، وإلى أنني لم أتلق هذه الرسالة إلا منذ أيام ثلاثة، وكذلك الرسالة التالية في هذه التعقيبات وهي من أديب لبناني صديق.
بعد هذا أقول للآنسة إنني إذا كنت قد لقيتها بشيء من القسوة أو أشياء من العنف، فمرجع ذلك إلى ما وقع في الظن من أنها أديب من الأدباء السوريين يخاطبني من وراء قناع. . . وعذري في هذا الظن أنني لم اقرأ للآنسة شيئاً أستطيع على هديه أن أطمئن إلى شخصيتها الأنثوية؛ أعني أن اسمها لم تقع عليه عيناي في صحيفة من الصحف أو مجلة من المجلات، على كثرة ما أعرف عن طريق هذه وتلك من أسماء الأدباء والأديبات. . . من هنا خطر لي أن الذي يتحدث إليَّ فتى لا فتاة، لأنني لم اصدق أن هناك أديبة تكتب بمثل هذا الأسلوب الذي يتميز بالنضج والأصالة، ثم لا تعرفها الصحف الأدبية ولا يصل صرير قلمها إلى منافذ الأسماع! لتعذرني الآنسة إذن حين أشرح لها حقيقة هذا الظن الذي أثارته رسالتها الأولى ومحت ظلاله رسالتها الثانية وعدت من بعده كما يعود الخيال من رحلة طويلة ينفض بعدها يديه من خداع الأوهام ويلقي عصاه!
وإذا كنت قد قسوت فمرد القسوة إلى شيء آخر غير ما ذكرت؛ شيء أرجو ألا يغيب عن فطنة الأديبة الشاعرة وما أظنها إلا معترفة به وراجعة إليه، وأعني به هذا الهجوم الذي حملته إلى في نقدها سطور وكلمات. . . وكيف لا يكون هجوما ذلك الذي يتنكر لذوقي حين أحكم ولرأي حين أفصل ولموازيني حين تقام؟! إنني أشير إلى ما ورد في رسالتها من حملة ظالمة على الشاعر الذي أعجبت به ووقفت إليَّ جانبه، حتى لقد خيل إلى أن الدافع النفسي لهذا الهجوم لم يكن غير تلك العصبية الإقليمية التي لا تزال تشغل بعض الخواطر وتستقر في بعض النفوس، وتحاول أن تنتصف لبيئة بعينها دون غيرها من البيئات ووطن