من هذه الفقرات يتبين للقراء مدى احترامي لحرية الرأي التي هيأتها للكاتب العراقي الفاضل، ومدى مراعاتي لواجب الزمالة الصحفية التي أملت على أن أهمل الإشارة الصريحة إلى اسم (الأديب) صاحب الأديب، ومدى حرصي على سماع كلمة دفاع من الجانب الآخر توضح حقيقة هذا الاتهام. . . واليوم وقد جاءتني هذه الكلمة، فإنه لا يسعني إلا أن أنشرها كاملة كما نشرت الكلمة الأخرى كاملة، متجاوزاً عما في الكلمتين من عنف الأداء وقسوته، ما دام رائدي أن يقارن القراء بينهما ليكشفوا عن جوهر الحقيقة؛ في ضوء الحرية القلمية التي أومن أنها من حق كل أديب!
أما عن قول الصديق العزيز بأنه كان من الأفضل أن أقوم بالتحقيق قبل نشر الاتهام فلا أوافقه عليه، لأنني لا أحب أن أعترض طريق رأي صاحبه أن يبلغ أسماع الناس. . . إن لكل إنسان الحق في أن يتهم وإن لكل متهم مثل هذا الحق في أن يدفع عن نفسه ما رمي به، ولن تظهر الحقيقة إلا إذا استمع الناس لشتى الآراء من هنا وهناك!
شاعرة مصرة تودع الحياة:
أشهد أن حياتها كانت أقباساً من وهج اللوعة، وفنوناً من عبقرية الألم، وخريفاً لا يعرف طعم الربيع إلا من أفواه الناس. . . واشهد أنني قد حاولت جهدي أن أجدد في روحها ضياء الأمل، وأن أحبب إلى نفسها جمال الحياة. . . ولكنها آثرت أن تمضي هكذا مسرعة، تحث الخطى إلى عالم ليس فيه غير الظلام. . . والسكون. . . والعدم!
واليوم وقد رحلت هذه الإنسانة عن دنيا الناس إلى غير معاد، يتعثر القلم في يدي وأنا اكتب عنها هذه الكلمات. . . ليس ذلك لأن القدر قد ظلمها في حياتها كل الظلم، وقسا عليها في مرضها كل القسوة، وأذبل في موتها زهرة العمر قبل أن يتضوع منها عطر الشباب. . . ولكن لأنها قد طلبت إلى أكثر من مرة أن أكتب عنها كلمة رثاء!!
من هنا يتعثر القلم في يدي. . . وسيتعثر في الأسبوع القادم حين أتحدث عنها كظاهرة حزينة من ظواهر الوجود، أو كدمعة حائرة لم تجففها يد الزمن. . . إنها الشاعرة (ن. ط. ع) التي رحلت بحزنها عن دنيا الناس، ونأت بشعرها عن صفحات الرسالة!!