للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

قبل، لأنه كان يضيق مجال للتعليم أمام أبناء الأمة، فقد وجهت اللجنة ملاحظات، مثل التوسع في التعليم دون إعداد عدة ودون خطة مرسومة، وأوصت بالعناية بكيف التعليم وعدم الاقتصار على كمه، وألا يضحى بارتفاع المستوى في سبيل الزيادة العددية المجردة. . . غلى آخر هذه (البيداجوجيات) التي أشعبها معالي الدكتور طه حسين بك تهكماً وسخرية. . .

لقد ابتهج الناس في مصر، واستراح الرأي العام، إلى السياسة التعليمية الجديدة التي تقتضي تعميم التعليم، بل ترددت أنباؤها في أرجاء العالم مشفوعة بالثناء والإعجاب وقد كانت هذه السياسة استجابة لرغبة الشعب في تعليم أبنائه، وتلبية لإلحاحه، وأرواء لعطشه، والشعب يريد التعليم ولا يستطيع أن ينتظر الخطط (البيداجوجية) ولا شيء يقنع أحداً من الناس أن يظل ابنه خارج المدرسة حتى يتعلم غيره تعليما جامعاً لشرائط البيداجوجية، وما ينبغي لشيء أن يقنعه. فنحن الآن أمام حركة تعليمية هدفها التعميم قبل كل شيء، ثم يأتي بعده ما يأتي من تحسين ورفع مستوى وعناية بالكيف. . . إلخ.

ولقد اكتسبت تلك السياسة التعليمية صفة (القومية) لتأييد الرأي العام لها وفرح الأمة وانفعالها بها حتى تمثلتها وصارت جزءاً من كيانها، ولم تعد سياسة وزير فقط أو رأي مفكر فحسب، بعد أنت كانته.

وعلى ذلك لم يكن ينبغي للهيئات التي تحضر للمؤتمر أن تجعل (تحضيرها) لتلك السياسة التعليمية القومية. وقد يحتج بحرية الرأي من حيث أن اللجنة عبرت عن رأيها، ولكن هذا مؤتمر يمثل الرأي التعليمي العام في البلاد العربية، ولأفراد اللجنة أن يبدوا آراءهم الفردية في مجالات أخرى، على أنهم أربعة، وهناك عشرات بل مئات من رجال التعليم لا يرون رأي الأربعة، فهل من حرية الرأي أن يفرض رأي هؤلاء باعتبار أنهم لجنة مختارة تضع توصيات ليوافق عليها المؤتمر؟ ومن المعروف أن المؤتمرات تجيز في اجتماعاتها عادة معظم ما يحضر لها. وثمة سؤال آخر: ما الأساس الذي بني عليه اختيار اللجنة؟

وبعد فقد سلم الله. . . بالتوفيق بين وجهة النظر المصرية وجدول أعمال المؤتمر، وذلك بتوجيه مجرى المناقشة في المؤتمر إلى بحث الصعوبات التي تعترض نشر التعليم والتوسع فيه إلى جانب المسائل الأخرى التي يبحثها المؤتمر، وكان الفضل في ذلك لحكمة

<<  <  ج:
ص:  >  >>