للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجزار. . . هذا ول يرد ذكر لكشاجم بين هؤلاء جميعاً. وكل ما هنالك أنه قد وردت إشارة إليه لا على أنه طبيب، بل شاعر يثنى على هذا الطبيب أبي جعفر ويصف كتابه المعروف بزاد المسافر:

أبا جعفر أبقيت حياً وميتاً ... مفاخر في ظهر الزمان عظاما

رأيت على زاد المسافر عندنا ... من الناظرين العارفين زحاما

سأحمد أفعالاً لأحمد لم تزل ... مواقعها عند الكرام كراما

فكل ما في الأمر أن كشاجم ربما قد قرأ هذا الكتاب فألم بشيء منه. ثم إنه من المحتمل أن يكون قد عرف شيئاً من هذا عن طريق تعارفه ببعض الأطباء الآخرين ممن مدحهم في شعره ولكن ليس في هذا ما يدل على أنه مهر في علم الطب حتى سار أكبر علمه!!

ثم إذا كان كشاجم قد حاول أن يعرف شيئا من الثقافات المختلفة في عصره فهو ليس بدعاً في هذا وإنما شأنه شان غيره من الكتاب الذين عاصروه أو تقدموا عصره بقليل فقد كانت الحياة تموج من حولهم بألوان الثقافات الدينية والعقلية في العصر العباسي الثاني مما ظهر أثره في شعر الشعراء ونثر الكتاب في حاضرة الخلافة أولاً، ثم في الولايات الإسلامية المختلفة، وقد كان أبن عبد كان كاتب أحمد بن طولون، وأول كاتب ديواني في مصر من هذا الطراز من الكتاب. فنحن لا نغمط كشاجم حقه، وإنما نود أن نقول أنه واحد من هؤلاء الكتاب، الذين كانت تفرض عليهم مهنتهم أن يتصلوا اتصالاً ما بمختلف الثقافات.

وهكذا نرى أن المسألة شيئاً من المبالغة التي نجدها كثيراً عند القدامى من النقاد وأصحاب التراجم، وهذا الطابع طابع المبالغة قد تأثر به كشاجم نفسه فهو الآخر يقول في صديق له من الأطباء

الحمد لله قد وجدت أخاً ... لست مدى الدهر مثله واجد

أسكن في صحتي إليه فإن ... مرضت كان الطبيب والعائد

طباً يعيا منجماً جدلاً ... يجمع منه الكثير في واحد

ينظر في الجزء والخطوط ولا ... ينتقد النطق مثله ناقد

وقد يقف هذا الموقف حتى من نفسه ولا ندري أهو سذاجة أم غرور أم هو شيء بين بين أم إنها المبالغة الأدبية لا أكثر.

<<  <  ج:
ص:  >  >>