للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالأمريكي، مهما بلغت درجته ومنزلته، فهو عامل يشتغل في محل ما، أو بشيء ما ولا زلت أذكر (بول) الذي كان يغسل معنا الأواني ويكنس الأرض. وهو عميدنا ببحيرة (تاهو) ولم نعرف أنه دكتوراه في الفلسفة؛ وكان صعباً علينا، بعدئذ، ان نسميه باسمه الأخير دكتور رينولد (بعد أن تعودنا مخاطبته باسمه الأول (بول). ولن أنسى طبيب الأسنان المتقاعد في (مزولا) بولاية (منتانا) الذي كان يجمع الأخشاب الطافية في النهر ويعدها للحرق في الشتاء!

هذه بعض الأمثلة عن أمريكا. . فماذا عن الشرق؟

سلام على العراق وأهله. فلا زلت أسال أصحابي عن أصحابي فإذا فلان (بطال) والآخر (لم يجد عملا إلى الآن) والثالث (ينتظر. . .). وأذكر أن بعض طلاب إعدادية التجارة وهي مدرسة داخلية ببغداد كان يجد حطاً من كبريائه إن هو غسل الشوكة والملعقة التي يأكل بهما. . والطالب الأمريكي يكمل دراسته الجامعية ونفقاته على الأجور التي يحصل عليها من غسل الأواني في مطعم أو تنظيف السيارات في محطة بنزين!

وهذا (العمل) هو الذي جعل الفلاح الأمريكي يحصد زرعه بالقوة المكانيكية، ويحلب الأبقار بالكهرباء، ويفرق بين الحليب والقشطة بالكهرباء، ويملك ثلاجة وراديو أو تلفزيون وسيارة ومكائن للزرع والحصد. . . ويملك بعضهم الطائرات لرش البذور أو المساحيق قاتلة الحشرات بواسطتها على أرضه. . . والفلاح العربي المسكين لا يزال يستعمل الآلات التي استعملها أجداده قبل ألف سنة!

الفروق بين الشرق والغرب كثيرة تتلخص بكلمة واحدة: العمل. . العمل بأي شيء مهما كانت درجة الفرد؛ وبغيره لا يمكن الاستفادة من (الرصيد) المكنوز.

ترى هل يقتبس الفرد العربي والشرقي من الفرد الغربي اليوم كما أقتبس الغربي بالأمس؟

وبعد فإشارة قصيرة إلى الأستاذ قطب. . . إننا نسمع بين مدة ومدة همسات على صفحات الغراء ولم نتشرف بلقياه على قرب المسافة بيننا وبينه. . أيتفضل الأستاذ بإعطائنا عنوانه بواسطة هذا العنوان:

بركلي - كاليفورنيا

محمد تقي مهدي

<<  <  ج:
ص:  >  >>