وربما كان تصوير الاتجاه القومي في التربية بأنه نزعة بدائية يتصل بالدعاية التي يباشرها أرباب الاتجاه الآخر عندما يحاولون تبرير وجود اتجاههم ووجوب سيادته.
أما الاتجاه العالمي فقد كثر الحديث عن مزاياه منذ بداية القرن العشرين وقيل في تفضيله: إنه يدعو إلى الاخوة الإنسانية، يدعو إلى محو الفوارق التي أقامتها التقاليد والعادات بين الأجناس والجماعات، يدعو إلى إزالة أسباب الحقد من نفوس البشر قاطبة، يدعو إلى إضعاف العقبات التي تحول دون تمكين الأفراد من استغلال مواهبهم الذهنية أو الاقتصادية أينما وجدوا، يدعو إلى وجه الإجمال إلى الحرية والإخاء والمساواة. . إنه من وحي الديمقراطية وهدف الأحرار.
ويجب في نظر أصحابه ألا يأخذ الدين، ولا التقاليد والعادات، ولا اللغة، ولا مقومات الحياة في الجماعة الخاصة على وجه العموم، ولا تاريخها وما أنطوي عليه من أحداث كان لها أثرها في خلق شخصيتها، الاعتبار الأول في التوجيه. وبالأحرى يجيب - تمكيناً لمعنى الديمقراطية في التربية - أن تغفل هذه المعاني أو تهمل، على الأقل من الوجهة الرسمية ومن المباشرين الرسميين لشئون التعليم.
وقد برز هذا الاتجاه اللا قومي في التربية بعد الحرب العالمية الأخيرة في صورة جديدة وأخذ طريقاً رسمياً بين حكومات العالم المختلفة، واحتضنته مؤسسة الثقافة والتعليم والتربية التابعة لهيئة الأمم المتحدة (اليونسكو).
لكن مما يأخذه بعض المرابين على هذا الاتجاه أنه لا يعدو دائرة الأمل إلى واقع الحياة الأمم على السواء. ويعللون ذلك بأنه ما دامت هناك أمم كبرى وأمم صغرى. ما دامت هناك قوة مادية لها السلطان في التوجيه وقيم أخرى معنوية باقية في دائرة (المثل) التي لا ظل لها في الوجود الواقعي سوف لا يتحقق معنى الإخاء والمساواة،، وبالتالي لا يتحقق السلام العالمي الذي هو الهدف الموعود لمذهب (العالمية) في التربية والتوجيه.
على أن بعضاً آخر من المربين لا يحسن الظن فوق هذا بدوافع هذا الاتجاه، ويرميه بأنه وسيلة من وسائل الخداع التي تستعملها الدول الكبرى وهي تلك التي لها القوة المادية في الصناعة والاقتصاد، ولها القوة العلمية كذلك لاستغلال الأمم الصغرى وهي المختلفة عنها