كان على مر الحصن الذي أشار إليه ياقوت في معجمه وهو حصن قديم لا تزال بقاياه مرسومة على الخرائط تحت أسم يسير الطريق منه إلى نخل.
٤ - ويظهر أن هذا الطريق - وهو يقع جنوبي طريق الحاج العام والمعروف على الخرائط - هو الذي يمر بوادي صدر وكان يستعمل للذهاب إلى العقبة علاوة على الطريق المطروق المعروف، فقد جاء في السلوك صفحة ٥٨ سنة ٥٧٠ هجرية أن صلاح الدين أقام ببركة الجب وهي معروفة في شمال القاهرة ثم سار منها على صدر التي أشرنا إليها متجها إلى آيلة في سبعمائة فارس - ويقصد إخفاء حركاته فقد جاء كتاب الروضتين نقلاً عن (أن صلاح الدين زحف من البركة ورحل إلى بلبيس ونزل جنوباً إلى صدر ثم إلى آيلة) فلم يسلك طريق الحج المعتاد وإنما سلك هذا الطريق البعيد عن الأنظار والرقباء حتى يطمئن إخفاء حركاته وهو في طريقه إلى الشام ليقرن حملته المفاجأة، وفعلاً أناخ على بصري بالشام ثم على مدينة صرخة ثم إلى الكسوة وهي من ضواحي مدينة دمشق إجابة للرغبة أبديت له بعد وفاة نور الدين الشهيد رحمه الله.
٥ - وأرجح أن هذا الطريق الذي لم يكن يطرق إلا هو نادراً هو الذي سلكه أبو الطيب المتنبي في خروجه هارباً من كافور الإخشيدي ليلة عيد الأضحى سنة ٣٥٠ هجرية. فقد أعد ما هو في حاجة إليه وأخذ يظهر الرغبة في المقام، وتظاهر لمن من الرقباء أنه سيسلك طريق الشمال بدليل مدحه لعبد العزيز يوسف الخزاعي زعيم خزاعة النازلة ببلبيس بقوله:
فلفت أنظار الرقباء بمديحه هذا إلى طريق بلبيس فأقامت العيون عليه هناك وكتبوا إلى عمالهم بالحرفين - الشرقي الغربي والجفار - أي سيناء - وغزة والشام وجميع البوادي حتى يقطع طريقه ويقبضوا عليه وأتجه هو إلى الطريق البعيد عن الأنظار عيون موسى ووادي عين صدر فوصل إلى نخل، ودليل على ورود موقع الرثنة ضمن المياه التي مر بها أبو الطيب المتنبي قبل وصوله إلى نخل وبذلك نجح في إخفاء طريق هربه فلم يعرف له أثر حتى قال بعض أهل البادية:(هبه سار فكيف محا أثره) وقال بعض المصريين) إنما أقام حتى عمل طريقاً تحت الأرض).