وجاء السيد غلام بمعرضه إلى مصر وانفق عليه وعلى نفسه وولده المرافق له ما انفق. ووضع المعرض أو سجن في سرداب بكلية الآداب تحت المؤتمر الثقافي. ولم يهبط إليه إلا القليل، وشغلت عنه الإدارة الثقافية، ولم يهتم به ذوو النفوذ ويقول السيد غلام: ماذا أقول إذا رجعت الآن إلى بغداد؟ أقول أن الشباب المصري لم يشجعني والفنانين المصرين لم يتلفتوا إلى؟ ولكن أين الفنانون المصريون، ومن يدر بهم به؟
ولندع هذه القصة فقد مضى أسبوع منذ قدومنا من الإسكندرية ولا ندري ماذا جرى بعد ولنقصد إلى المعرض ذاته هو يحتوي على٢٥٠ قطعة وهي جميعاً أما من صنعه وتصويره وحده أو مما حصل عليه بالشراء من إسبانيا وهي تشتمل أشكالا زخرفية رسمها طبقاً لأحجامها في أصولها ونماذج من الخشب تمثل أبواب القصور الأندلسية ونماذج من الجبس بألوان وزخرفة أندلسية تمثل مدافئ عربية والكثرة الغالبة في المعرض تصاوير القصور وأجزائها من جوانب وزوايا مختلفة وقد عنى عناية خاصة بقصر الحمراء أهم الآثار العربية الباقية في الأندلس، في المعرض صور رائعة لأجزاء هذا القصر منها ساحة الأسود وفيها اثنا عشر أسدا فوقها حوض كبير يرتكز على مؤخرات الأسود ويعلوه حوض أصغر منه ونافورة ويخرج الماء في هذه الساحة من ٣٧ منبعاً من بينها أفواه الأسود وقد نقش حول الحوض أبيات منها
تشابه جار للعيون بجامد ... فلم ندر أيا منها كان جارياً
ألم تر أن الماء يجري بصفحها ... ولكنه سدت عليه المجاريا
وهناك صور جميلة للبركة (ساحة الريحان) التي في الحمراء، وهناك أيضاً قاعة السفراء، ومما نقش في أحد مداخلها:
فأمنت حتى الغصن من نفحة الصبا ... وأرهبت حتى النجم في كبد السما
فإن رعشت زهر النجوم فخيفة ... وان مال غصن ألبان يشكرك دائماً
وهناك صورة برجين بين قصر الحمراء وجنة العريف (قصر الملك الصيفي) أحدهما سجنت فيه الملكة ايزابيلا التي أسرها آخر ملوك بني الأحمر، وفي البرج الثاني أطفالها الثلاثة (ثايدة وثريداً وثرويداً (وهذه الأسماء يرويها الإدلاء وليست مذكورة في التاريخ.