إن خديها استعادتا لونهما الوردي الجميل، كما أن عينيها عاد إليهما بريقهما ولمعانهما السابق، وكانت ترتدي ثوبها الأصفر الجميل الذي يناسب شكلها، ويبرز بديع جمالها. كل ذلك لأنها.
- بعد ساعات معدودة - سترى حبيبها (عمر).
كان الجو في ذلك اليوم صحواً، والسماء زرقاء صافية، وكانت الشمس قد بلغت أقصى ارتفاعها إلا أنه كانت الريح تهب عاصفة هوجاء زعزعاً، وكانت الأرض كأنها تدور مع الريح في كل اتجاه، وكان البرد قارساً شديداً.
كان الميدان الفسيح الذي صفت فيه الخيام حلقات يموج بأولئك الذين انتشروا أمام الخيام يحتفلون بالعيد، وكانت الطبول تدق من غير توقف، وتنشد أناشيد قرية (يانيق). وكان آلاف الناس الذين جاءوا من قرى ومدن البلقان يشتركون في الأعياد ويهنئون بذلك النصر المبين في ميدان الجهاد.
وعند الظهر تماماً دوت ثلاثة أبواق معاً، فسكن كل شيء في الميدان، ثم نادى (باش جاويش) بصوت مرتفع:
(المدنيون إلى هذا الجانب، والعسكريون إلى هذا الجانب الآخر وليتقدم المختارون إلى جانبي).
كان قد صدر أمر قائد المعركة المظفر عصمت باشا أن يعطي كل متطوع في الجيش من شباب القرى المجاورة إذن يوم يقضيه بين أهله، على أن يعود في اليوم التالي إلى الجيش.
وكان (الباش جاويش) سيكلف مختار كل قرية أن يتلو قائمة أسماء شباب قريته، وكل من يقرأ أسمه يخرج من صفوف الجيش إلى صفوف المدنيين ويعتبر مأذوناً يوماً واحداً على أن يكون في مقر القيادة في اليوم التالي.
وعند الشروع في هذه العملية كان أهل قرية (جاس درة) قد وصلوا وانضموا إلى المدنيين من أهل القرى المجاورة المتجمعين في جهة اليسار، وبين هؤلاء القرويين الذين وصلوا أخيراُ (زهرة) الشقراء.
واستغرقت عملية القراءة الأسماء كاملة، وكان الميدان قد خلا إلا قليلا، وخفت جلبة الجماهير من المدنيين فيه إذ لم يكن قد بقي فيه إلا أهل قرية (جاس درة)، وإلا أمهات أو