آباء أو إخوان بعض المتطوعين الذين قرأت أسماؤهم ولم يظهروا.
في هذه الأثناء تقدمت فتاة قروية جميلة، وعليها ثوب أصفر جميل حتى صارت بجانب (الباش جاويش) وقالت:
وأين متطوعوا قرية (جاس درة)؟
وعند ذلك سمعت من جانب العسكريين أصوات تقول:
هنا. هنا، فقال لها (الباش جاويش) أين مختار قريتكم يا بنيتي؟ وأين قائمة الأسماء؟ فأجابته قائلة:
إن مختارنا أيضاً في الجيش، فالتفت الباش جاويش إلى (الأونباشي) الواقف إلى جواره وقال له: أعلنوا في صفوف المتطوعين: كل من كان من قرية (جاس درة) من الشبان فليأت إلى هنا حالاً. وبعد نحو دقيقة واحدة كان نحو عشرين شاباً قد أقبلوا إلى حيث كان الباش جاويش واقفاً، والتفوا حول (زهرة) الشقراء التي كانت هناك وهم يتصايحون:
أيتها الفتاة زهرة، مرحباً بك يا زهرة. كيف حال القرية أيتها الأخت؟
وكانت كأنها لا تسمع شيئاً مما حولها وهي تكرر كلمتين اثنتين لا تنفرج شفتاها عن غيرهما: أين عمر؟ أين عمر؟ عمر. عمر. وفي تلك الأثناء كان أهل قرية (جاس درة) قد اختلطوا بأولئك الشبان يعانقونهم، ويتبادلون معهم القبلات مع دموع الفرح والابتهاج، وكان الذين التقوا بأمهاتهم أو إبائهم أو أخواتهم لم يأبهوا - أول الأمر - للحال المحزنة التي كانت عليها فتاتنا الصغيرة (زهرة) الشقراء، ولم يكن بقي حولها من تعرفه سوى الباش جاويش والأونباشي، والحاج صادق.
كانت عينا صادق قد ابتلتا بالدموع، وكان لسانه كأنه محبوس في حلقه، فلم يتمكن من قول شيء، وبصعوبة استطاع أن يلفظ كلمتي: أختي. زهرة.
وهنا كان قلب زهرة الشقراء قد انسحق ألماً وحسرة، ولم تعد تملك السيطرة على دموعها، فرفعت يديها كما يفعل المبتهلون الذين يطلبون المدد من السماء - وصاحت:(عمر. عمر. أين أنت؟).
وبينما صادق يحاول التحدث مع زهرة وإعطاءها كتاباً أخرجه من جيبه مع منديل يماني. كان الباشا جاويش قد وصل إلى زهرة الجميلة. ورفعها من على الأرض وضمها بين يديه