دياره. وإن الأقطان التي ننسجها إنما هي أقطان مزروعة في أرض سورية، وان ما ينقصنا من القطن نشتريه من تركيا لقربها منا
كان يسهب في الإيضاح والتبسيط، وكنت أنتبه إلى أقواله كانتباهي إلى درس قيم يلقيه أستاذ متمكن، ولم أقف منه سوى وقفة واحدة للسؤال عن كلمة واحدة لم أدرك معناها وهي شركة (مغفلة) وهل الغين ساكنة أم مشددة؟
استعان محدثي الظريف - وقد اصبغ وجهه بالحمرة - بالموظف المنتدب من وزارة التجارة والاقتصاد لمرافقة المغترين فقال هذا (إن الشركة الخماسية هي ذات أسهم لا تطرح في البورصة بل تبقى في أيدي أصحابها فقط، والإغفال لا يعني الترك أو الإهمال ولا الغفلة أيضا، وأن مجمعنا العلمي هو الذي أوجد هذه الكلمة للتمييز بين الشركة المساهمة الموزعة أسهمها بين أيدي الناس وبين الشركة المساهمة التي لا يجوز أن تنقل أسهمها إلى غير أيدي مؤسسي الشركة) قلت أي كلمة تقابلها بالافرنسية قال (أنونيم) قلت لا مساهمة) إذن
لم يكن محدثي الشاب اللبق المهذب وقد لازمني حوالي ساعتين، أقول لم يكن مهندسا ولا كاتبا من كتاب الشركة بل كان واحدا من الخمسة رحال المالكين لهذه الشركة ورأسمالها عشرة ملايين من الليرات
لم أستشهد بهذه الزيارة لهذه المؤسسة الوطنية بالذات، ولا بالحديث الممتع الذي سمعته من أحد أصحابها إلا للتدليل على روح النهضة الاقتصادية، وعلى الروح لمعنوية التي تسود شباب البلاد. يضاف إلى ذلك روح التحدي التي ستقنع الطامعين وتقنعهم بأن الأمة السورية قادرة على مجاراة الغرب في نهضته الاقتصادية والثقافية، وأنها ستجاريه أيضاً في نهضته العلمية، وأن السوري سيبز الفرنسوي ولا يستكين مثله إذا أنكبته النكبات. ولا يفوتني أن أقول أن المدارس الفرنسوية، والإرساليات الدينية والعلمانية تقوم بدعوتها الثقافية خير قيام، وان رجالها يعلمون جيداً أن في النشء السوري مناعة تقيهم سموم الغربيين وقد اكتووا بنارهم ووعوا الغاية من مدارسهم وإرساليتهم
أود الآن إلى الكلام الذي افتتحت به مقالي وهو كيف حاولت فرنسا إماتة السوريين فأحيتهم، وإحياء اللبنانيين فأضلتهم وموعدنا العدد المقبل