للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بهذا الأنعام السامي الذي يعرب عن رضاء أمير المؤمنين عن الشيخ علي. وفي ذلك يقول حافظ:

فما للتهاني غلي داره ... تساقط كالمطر الصيب

وما للوفود على بابه ... تزف البشائر في موكب

وحافظ هنا ساخط متبرم مما يرى. فبينما الناس يتهمون الشيخ عليا في أخلاقه ودينه إذا بهم يسرعون إلى داره لتهنئته بما ظفر به من الإنعام السامي. ثم يوجه حافظ الخطاب للمصريين فيقول:

فيا أمة ضاق وصفها ... جنان المفوه والأخطب

تضيع الحقيقة ما بيننا ... ويصلي البريء مع المذنب

والذي لا شك فيه أن حافظ لم يوفق هنا إلى محجة الصواب فالذين هنئوا الشيخ عليا غير الذين شنوا عليه هذا الهجوم العنيف، والذين أسرعوا إلى داره غير الذين أجروا أقلامهم طعنا فيه وتجريحا. ولكن حافظا وكان ساخطا ناقما تجاهل هذه الحقيقة، ووجه نقده المر إلى الأمة المصرية بأجمعها كأن المصرين في نظره اشتركوا كلهم بغير استثناف في الحملة على الشيخ علي أو كأنهم ذهبوا كلهم بغير استئناف إلى دار الشيخ لتهنئته!

وقد اتخذ أصدقاء الشيخ علي هذا الإنعام وسيلة لمدحه وتقريظه والتعريض بخصومه والتنديد بهم. فهذا شاعر يقول:

لا والذي أعلى ذراك ... وأحاط بالحسنى حماك

وأجل قدرك في الأنا ... م وحل عقدة من شناك

ان يبلغ الحساد ما من ... أجله نصبوا الشراك

وتحفروا وتوثبوا ... وتأبطوا شر العراك

واستنفدوا جعب السبا ... ب وبالغوا في الانهماك

إن المدى مهما غلوا ... أو أغرقوا في الاحتكاك

إن يلحقوا في سعيهم ... إلا غبارا من مداك

وهكذا حاول صاحب المؤيد أن يعالج حالته النفسية السيئة وأن ينفض عن نفسه ما سقط عليه من غبار كثيف بسبب هذا الحادث المشئوم، حادث الزوجية، وأخذ نجمه يعلو ومكانته

<<  <  ج:
ص:  >  >>