وهكذا تساقطت اللطمات على وجه الشيخ على كل يوم من خصومه. فبر عليها صبر الضعيف الذي لا حول له ولا قوة ولم يترك أعداؤه فرصة تمر دون أن يتخذوا منها وسيلة لتشديد الحملة على عدوهم اللدود، فما فكر في استئناف الحكم حتى وجد خمسون بابا يدخلون عليه منه فرموه بالعصيان لأحكام الشرع ومحاولة تحطيم الشريعة واتهموه بالكفر والمروق والخروج على الدين الحنيف. وكان هذا يحز في نفس الشيخ علي حزا عنيفا ويؤلمه ألما شديدا. وكيف لا يتألم ولا يتضجر وهؤلاء خصومه يتهمونه في دينه ويشنعون عليه في معتقده ويخاطبونه بولهم يا ابن يسى وبطرس وعبد النور؟ وها هي المحكمة الشرعية قد أبطلت نسبه الذي ادعاه لنفسه وحكمت بعدم كفاءته لمصاهرة السادات.
لقد عجز الشيخ علي عن إقناع الدفاع عن نفسه عجزا تاما ولم يستطع أحد من أصدقائه أن يرد عنه ذلك الهجوم العنيف الذي قام به خصومه ضده وبقى على تلك الحالة المؤلمة حتى أنقذه السلطان عبد الحميد فأنعم عليه في أول سبتمبر ١٩٠٤ بنوطي الامتياز الذهبي والفضي وكانا من أرفع أنواط الدولة العليا وإلى هذا يشير حافظ بقوله:
وما للخليفة أسدى إليه ... وساما يليق بصدر الأدب
وحينئذ استطاع صاحب المؤيد أن يفرج عن نفسه قليلا وأن ينهض واقفا أمام أعدائه. وتوالت عليه برقيات التهنئة من الكبراء والعظماء في القاهرة والأقاليم وأخذ ينشر هذه البرقيات لعله بذلك يخرس خصومه ويقطع ألسنتهم، وطفقت الوفود تحج إلى داره مهنئة