للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفشل والإخفاق، لأنها محاولة للسمو بالقبح والحط من قيم الجمال. . . إنه عجز المرضى وشذوذ الفاشلين، حين يتحللون من كل قيد ويمسكون بالفرشاة ليرسموا ما لأعين رأت ولا خطر على عقل بشر. . إنها مدرسة التحلل والانحلال، مدرسة الرذيلة المعبرة عن النزوات المعقدة والغرائز المكبوتة)! وهذه الكلمات تنطق على المذهب السريالي في كل فن من الفنون.

وأخيراً بعقب الأستاذ سرطاوي على ما درنا حوله من صلة بين الجمال والنظام فيقول: (ترى حل حقيقة أن الجمال مرتبط بالنظام؟ وأننا إذا أوجدنا النظام خلقنا الجمال؟ لست أدري، وإنما يخيل إلي أن إيجاد النظام كثيرا ما يعجز عن خلق الجمال، فالطبيعة جميلة لسبب واحد، ذلك لأنها فوضى شاملة، وإسراف في عدم النظام)!

مرة ثالثة نقول للأستاذ سرطاوي: لا يا سيدي! لقد فهمت (الحرية) على أنها (الفوضى) وشتان ما بين المعنيين من فروق. . أن مشهدا من مشاهد الطبيعة يتمثل في غابة من الغابات يلتف فيها الشجر وتتشابك الغصون مشهد جميل، جميل لأن الأشجار تلتف في حرية وتنمو في حرية فلا تقف في وجهها الحوائل والمعوقات، جميل لأنه (متحرر) من ذلك القيد) الذي تلحظه العيون في مقص البستاني حين يرسله في أشجار الحدائق بقصد (التقليم) والتشذيب، جميل لأنه يد الله هي التي (نظمته) وليست يد الإنسان. . هي حرية وليست فوضى، لأن الفوضى لا يمكن أن تقترن بالجمال، ولأن الحرية لا تناقص النظام!

أما تلك الفروق بين الحرية والفوضى وموقعها من الجمال في الفن فقد سبقنا إلى تسجيلها الأستاذ العقاد في عدد سبتمبر من مجلة (الهلال)، في مقال قيم عنوانه (الفن والحرية). . ومن العجيب أننا قبل أن نطلع على مقال الأستاذ العقاد كنا سنشير إلى نفس الفروق التي أشار إليها دون اختلاف كبير في المعاني والأهداف. ولكن ما دام هناك أناس لا نأمن اتهامهم لنا فيما لو عرضنا لهذه الفروق وقد سبقنا إليها كاتب آخر، فلا بأس من أن نستشهد برأي الأستاذ العقاد ونغفل رأينا الخاص، لأنهما يلتقيان في مجال واحد هو مجال العرض والتمثيل. وهذا هو رأي الأستاذ العقاد وإنه لجدير بكل احترام وتقدير:

(والفن الجميل مدرسة النظام كما هو مدرسة الحرية. فهل في ذلك عجب؟ قد يبدو فيه العجب لمن يحسب أن الحرية تناقص النظام، أو يعتقد أن الحرية تبيح لصاحبها أن يخرج

<<  <  ج:
ص:  >  >>