للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

البلاد وتقدمها، والتي تخلق جيلا يعمل بيده ولا يخجل من ذلك، لأن العمران والتقدم في هذا البلد المتخلف عن غيره يمثل رسالة الجيل الناشئ.

إننا نواجه كل يوم مشاكل الطوائف وهي مشاكل ترجع إلى أن خريجي المدارس المتوسطة في الهندسة والزراعة ينظرون دائما إلى المسواة مع خريجي المدارس العالية، بدون أن تقدر مسئولية كل طائفة.

فالكونستابل الذي يخرج من المدرسة لا يعتقد أن مهنته شريفة ولا ينظر إلى أنه يؤدي رسالة للوطن إذا وقف وسط الشارع ليشرف بنفسه على تنظيم المرور، انه يلتمس الأعذار لكي تولى عملا إداريا، وأرد كل هذا إلى أسس التعليم في مدارسنا.

وما يقال عنه يصدق عن كل عمل يتولاه فريق منا خصوصا أبناء المدارس المتوسطة. أنهم ينظرون إلى الوظائف وإلى تسعير الشهادات قبل أن ينظروا إلى عظمة ورسالة المهنة التي يمثلونها.

إنني لا أستطيع أن اسلم بنجاح وتقدم أي سياسة إنتاجية سواء في التصنيع الريفي أو الآلي وسواء في تنسيق الزراعة المصرية على الأسس الحديثة وزيادة غلة الأراضي وهي قابلة للزيادة بشكل لا يمكن تحديده. إذا لم تدعم هذه الدفعة الإنشائية الانتقالية - سياسة للتعليم - تلائم الأوضاع القائمة في مصر، وتشمل على مد هذه الدفعة بعناصر البقاء والاستمرار التطور وهي ممثلة: في إيجاد مجموعة من العمال الصناعيين والزراعيين المحنكين - إذا استعرنا الاصطلاح الفاطمي - لا يقلون في تفكيرهم عن أي مجموع أوربي أو أمريكي.

وفي تهيئة مجموعة من الموظفين الإداريين والمهندسين المختصين لهذه الأعمال يعملون بإخلاص.

إن حركة الصناعة لا تزال في دورها التمهيدي والتحضيري، وكذلك الإنتاج الزراعي المصري لا يزال متخلفا عن غيره بل لا نبالغ إذا قلنا أنه لا يزال بدائيا.

وأكبر ما يؤخر نهضة البلاد هو أننا لا نزال نسير على غير هدى في التعليم: والسياسة التعليمية الراسخة الثابتة هي التي تخرج طبقات الأمة العاملة المنتجة التي نعرف كيف نجعل من العلم قوة ثائرة منظمة لتقطع مراحل التخلف التي تركتنا فيها الأجيال التي تقدمتنا. ومن حقنا أن نقول إنها سارت على غير هدى وكانت مقصرة في نهضة البلاد

<<  <  ج:
ص:  >  >>