طليق كواحد من عامة الشعب لظهر أثر الخلاعة والمجون في شعره بشكل فاضح لا يقل عما وصل إليه شعراء الخلاعة والمجون في العصر العباسي. ولكنه نشأ في وسط رسمي أرستقراطي فكان شاعر الخديوي ومادح السلطان عبد الحميد أمير المؤمنين وخليفة رسول رب العالمين. لذلك اضطر أن يضع حدا فاصلا بين حياته كفرد وحياته كشاعر.
فقد كان ينظم القصيدة - وهو ثمل - فلا ترى فيها غير البكاء على ما أصب الإسلام والمسلمين والدعوة إلى النهوض والاتحاد تحت لواء الخلافة والحث على التمسك بالفضائل ومكارم الأخلاق حتى لتحس كأنك أمام واعظ يهدي إلى سبل الرشاد. كان يفعل هذا عقب انصرافه من مجلس خمر أو مجلس خلوة يرتكب فيها فاحشة
فعدول الشاعر عن الذهاب إلى الحجاز لم يكن سببه الضعف ولكنه كان حلقة من حلقات إهماله لفرائض الإسلام. أما الزكاة التي يتحدث عنها الشاعر ويقول إنه يبالغ في أدائها فهي أيسر الفرائض على أمثاله من الأغنياء، إذ لم يكن يتكلف فيها مجهوداً ومبالغته في الزكاة يرجع إلى سبب نفسي هو اعتقاده بأن هذا العمل يعفيه من تأدية الفرائض الأخرى، ويجعل كفة حسناته ترجح كفة سيئاته ويغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. ولا فائدة لنا من مناقشة هذا الرأي وإظهار فساده.
على أن هرب شوقي من أداء فريضة الحج قد دفعه إلى نظم قصيدتين أجاد فيهما إجادة تامة. أما القصيدة الأولى فهي الهمزية النبوية. وأما الثانية فهي نهج البردة. وقد عنى في هاتين القصيدتين بالرد على أعداء الإسلام من المبشرين والمستشرقين. ومثال ذلك قوله حاكيا بعض المستشرقين
قالوا غزوت ورسل الله ما بعثوا ... القتل نفس ولا جاء والسفك دم
ورد على هذا الرأي بأبيات منها
جهل وتضليل أحلام وسفسطه ... فتحت بالسيف بعد الفتح بالقلم
سل المسيحية الغراء كم شربت ... بالصاب من شهوات الظالم الغلم
لولا حماة لها هبوا لنصرتها ... بالسيف ما انتقمت بالرفق والرحم
ثم أخذ بعد ذلك ينفى موضوع الصلب ويرفع من شأن الإسلام والمسلمين ويتغنى بماضيهم المجيد. والقصيدتان بالرغم مما فيهما من المحاكاة والتقليد تمتازان بظهور الطابع الحديث