السماء، ويكون القائلون في معاني التراب النجس الذي نفضته على الشرق نعال الأوربيين. .!
قال الراوي: ولم يستطع أحد من الناس أن يواجه الإمام بشفة أو بنت شفة، لا مضيقاً عليه من قلبه ولا موسعاً، حتى كان يوم من أيام الجمعة، وقد مال الناس بعد الصلاة إلى حلقة الشيخ وتقصفوا بعضهم على بعض فغص بهم المسجد، وكان إمامنا يفسر قوله تعالى:(وما لَنا إلا نَتَوَكَّلَ على اللهِ وقد هدانا سُبُلَنا وَلَنَصْبِرَنَّ على ما آذَيْتمُونا. وعلى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المتَوَكِّلون.)
قال الراوي: فكان فيما قاله الشيخ:
إذا هدى المرء سبيله كانت السبل الأخرى في الحياة أما عداء له، وأما معارضة، وإما رداً؛ فهو منها في الأذى، أو في معنى الأذى، أو عرضة للأذى. لقد وجد الطريق ولكنه أصاب العقبات أيضاً، وهذه حالة لا يمضي فيها الموفق إلى غايته إلا إذا أعانه الله بطبيعتين: أولاهما العزم الثابت، وهذا هو التوكل على الله؛ والأخرى اليقين المستبصر، وهذا هو الصبر على الأذى ومتى عزم الإنسان ذلك العزم، وأيقن ذلك اليقين - تحولت العقبات التي تصده عن غايته فآل معناها أن تكون زيادة في عزمه ويقينه، بعد أن وضعَّن ليكن نقصاً منهما فترجع العقبات بعد ذلك وأنها لوسائل تعين على الغاية، وبهذا يبسط المؤمن روحه على الطريق فما بدّ أن يغلب على الطريق وما فيها. وينظر إلى الدنيا بنور الله فلا يجد الدنيا شيئاً على سعتها وتناقضها إلا سبيله وما حول سبيله، فهو ماض قدماً لا يتراد ولا يفتر ولا يكل وهذه حقيقة العزم وحقيقة الصبر جميعاً
ومن ثم لا تكون الحياة لهذا المؤمن مهماً تقبلت واختلفت - إلا نفاذاً من طريق واحدة دون التخبط في الطرق الأخرى، ثم لا يكون العمر مهما طال إلا مدة صبر في رأي المؤمن. وعزيمة النفاذ وعزيمة الصبر هما الضوء الروحاني القوي الذي يكتسح ظلمات النفس مما يسميه الناس خمولاً ودعة وتهاوناً وغفلة وضجراً ونحوها
قال: ولكن كيف يعان المؤمن على هذه المعجزة النفسية؟ هنا يتبين أعجاز الآية الكريمة؛ فقد ذكر فيها التوكل ثلاث مرات وافتتحت به وختمت، والتوكل هو العزم الثابت كما أوضحنا. وذكرت في الآية بين ذلك هداية المرء سبيله؛ وهذه الإضافة (سبلنا) تعين إنها