العدد (٨٩٧) من الرسالة والتي أهداها الشاعر الكبير عزيز أباظة باشا إلى الآنسة أمن كلثوم، وسألها في تواضع العظيم وحياء الكبير أن تصنع فيها لحنا بهذا الإهداء الرائع (لقد خلدت الخالدين فتنزلي إلى المغمورين) صحت من أعماق قلبي قائلة: (لا يا أيها الشاعر! ما نرتضي لك أن تتنزل إلى وهدة المغمورين وأنت في سماء الخالدين. . إن الشعر الخالد لا يفتقر إلى من يصنع فيه لحناً بعد أن رددته القلوب وغنته الأرواح وأصبح إرث العصور للعصور.
وأنشأت قصيدتي (غناء) وأهدينها إلى الشاعر الكبير عزيز أباظة باشا لأدله على هذا الأفق الرحيب الذي يحلق فينا شعره، والمدى البعيد الذي يسري فيه أدبه، وما كدت أفرغ من قصيدتي (غناء) حتى طلعت على الرسالة الأخيرة وفيها قصيدة (عتاب) وقد أهداها ثانية إلى أمن كلثوم، فقلت في نفسي: هذا كثير يا سيدي الشاعر! فإن من حق اللحن الخالد أو يتقرب إلى الشعر الخالد في كثير من التواضع والحياءيخطب وده ويطلب يده
ولقد قرأت كلمتك (بين عزيز أباظة وأم كلثوم) وأنت تعقب على قصيدة الشاعر الكبير (كيف أدعوك) وعلى عبارة الإهداء (المضخة بعطر التواضع وإنكار الذات) فسرني أن نتلافى في وجهات النظر وأن ننتهي إلى رأي مشترك هو أن الشعر الخالد يرفع من يغنيه، ولا يستطيع اللحن الخالد أن يرفع شعر الوهاد والسفوح إلى القمم والذروات!
بعد هذا أحب ألا يرجأ نشر قصيدتي (قمرية تموت) وأختها (غناء)، لأن من الشعر ما لو نشر في غير حينه لأضاع كثيرا من رونقه وجماله. . . ولك التحية والمودة.
دمشق - سورية
هجران شوقي
لقد ولدت مع الربيع حقا وماتت مع الورد. . . ولكن حياتها كما قلت، كانت أقباسا من وهج اللوعة، وفنونا من عبقرية الألم، وخريفا لا يعرف طعم الربيع إلا من أفواه الناس!
إن روح ناهد تطل عليك من عالمها الآخر يا هجران، وتحفظ لك الوفاء، وتشكر لك هذه العاطفة النبيلة التي أملت عليك أن تذكري أختا لك في الأدب والإنسانية. . . ترى هل أدركت عن طريق الإلهام سر هذا الأسى الذي أطفأ نور الشباب في أبانه وأذبل زهر