للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صحفي لقي من الفشل في حياته ما يرفض معه الصبر وتتبخر قطرات العزاء، ومع ذلك فقد خلق من الفشل نجاحاً ليس له فيما نعلم نظير. . لقد سدت في وجهه أبواب الرزق في عالم الصحافة فتطلع بعين الطموح وعزيمة المقتحم إلى ميدان الأدب. وحين أدرك بفطنته أن الصحف الأدبية في مصر هي الرسالة والثقافة والمقتطف والكتاب والهلال، لم يفكر في أن يطرق أبوابها لأنه ذكي لماح. . ومبلغ العظمة في هذا الذكاء أن صاحبه لا يريد أن يفتضح، لأن المشرفين على هذه الصحف يعرفون اللغة العربية!

إلى أي مكان يذهب بقلمه ليصبح أديباً في عداد الأدباء؟ لقد فكر الأستاذ طويلا، ومرة أخرى لم يخنه الذكاء اللماح، إن هذا الذكاء اللماح وحده الذي قاده إلى جريدة الزمان. . وهناك أصبح أديبا ممتازا لسبب واحد، هو أن المشرف على هذه الجريدة لا يعرف اللغة العربية. . لأنه (الخواجة) إدجار جلاد!!

أقسم بالله العظيم إنه ذكي ومحظوظ. . ذكي لأنه وجد الخواجة الذي استطاع أن يقنعه بأنه أديب، ومحظوظ لأن هذا (الخواجة) قد اقتنع فأفرد له مكانا يكتب فيه. . قد تقول لي إن المسألة لا حظ فيها ولا ذكاء، لأن (الخواجات) بقيم الأدباء أمر يسير. لا يا سيدي! قد يحدث هذا بالنسبة إلى أدباء آخرين. . أما بالنسبة إلى الأستاذ محمد علي غريب فهو مستحيل حتى على الزنوج الأفريقيين!!

ومن هنا ينبع إعجابي به. ولن يقلل من تقديري له أنه أديب لا يعترف به غير الخواجة إدجار جلاد. . حسبه أنه يستطيع أن يقنع صاحب الزمان بإخراج كتاب يؤرخ فيه لأدب العربي الحديث. . وعندما يكتب (الخواجات) تاريخ الأدب المعاصر، فسيكون للأستاذ محمد علي غريب مكان أي مكان!!

أنور المعداوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>