يستحقون عليه، ويتجوا للإذاعة شيئا من الاقتصاد الجائر! إذ تكسب فرق ما بين أجر الموظف الكبير والصغير. .
ثم نخلص من ذلك إلى وجهة عامة، فليس الأمر قاصرا على دار الكتب ومديرها، وإنما هي خطة إذاعية محكمة. . تسير عليها الإذاعة المصرية في استجلاب ما تسميه أحاديث رسمية، وهي أحاديث لا يهم أكثرها الجمهور، وكأنهم يعرفون ذلك ويعلمون أن الأجهزة تقفل وقت أحاديثهم فلا يهتمون بإجادتها وأن كانت الإذاعة تهتم بإجازتها. . نخلص إلى هذه الوجهة العامة لنتمنى أن تخلص الإذاعة من هذا الركود وتتجه إلى الاستقامة، فلا يكون همها موادة كبار الموظفين، بل تتجه إلى من تؤنس فيهم الكفاية والاهتمام بتقديم ما يفيد، من الأفراد، غير مراعية فيهم منصبا ولا درجة.
ومما يتصل بهذا الموضوع، هذا العدد الوفير من الأساتذة الجامعيين وبعض الصحفيين الذين يعلقون على الأخبار السياسية ويقولون أهم حوادث الأسبوع. . أساتذة إجلاء والسماء لامعة يحدثون الناس عما قرأه هؤلاء في الصحف أو وقعت أعينهم على عناوينه واختاروا الحسنى فلم يقرؤوه. . وأعجب العجب برنامج (أهم حوادث الأسبوع) لأن صاحبه المجدود يقول للمستمعين ما عرفوه منذ أسبوع. . وكل منهم يستطيع أن يقوله كما يقوله.
وكأني بأولئك الأساتذة لا يبذلون في أحاديثهم جهداً، لأنهم واقفون على طريقة الإذاعة في الإثابة العكسية على المجهود! وهم - لا شك - معذورون في عدم تقديم بضاعة مفيدة، لأن الإذاعة تطلب منهم ذاك النوع من الأحاديث، والإذاعة غالية وطلبها رخيص!
وموظفو الإذاعة المختصون بالأحاديث لهم نظر ثاقب. . وهو بأعينهم في كل عهد من عهود الحكم، إذ ينظرون إلى أنصار العهد الذي يكون حاضراً فيتقربون إليهم بطلب الأحاديث منهم وخاصة الصحفيين الموالين وفي هؤلاء الأنصار الموالين أساتذة يستفاد منهم، ولكن ليس هذا هو مقياس النظر الثاقب الذي لا يستطيع أن يمتد إلى هؤلاء الأساتذة في غير أوانهم. .
وبعد فأني اعلم إن معالي الدكتور حامد زكي وزير الدولة المختص بالإذاعة وسعادة كامل مرسي باشا مديرها بالنيابة، يهتمان بإصلاحها، ولكنني أراهما يجدان في تسيير الدفة والجرذان تقرض ألواح السفينة فتثقبها، والقصور الذاتي لا يزال يتحكم في اتجاهها.