للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مشكلة القراءة:

كتب الأستاذ محمد علي غريب في جريدة (الزمان) عن مشكلة القراءة أو ظاهرة الأعراض عن القراءة المتفشية في مصر بين (المتعلمين) الذين وصفهم بأنهم (الذين يصبحون بعد تخرجهم في المدارس اشد أمية من الجهلاء).

وقد تناول الأستاذ الموضوع من جانب عرض تلك الظاهرة بين الموظفين ومن إليهم ممن يقضون أوقاتهم في الجلوس على المقاهي ولعب النرد ويستهلكون تفكيرهم في تفهم منشورات العلاوات وحسبان الاقدميات، ولا يفكر أحدهم في أن يقضي وقته في رفقةعبقري موهوب يقدم على صفحات كتابه أشهى ما يملك، فيفسح من آفاق فكره ويزيد معارفه وينمي ثقافته ويعرف أن في الحياة ما هو أجل من الترقيات والعلاوات وقد احسن في تصوير هذه الناحية بقلمه الحي الرشيق - ومقالات الأستاذغريب هي (ركن الأدب) الحقيقي في (الزمان) ولكنه لم يتعرض لأسباب هذه الأزمة، بل اقترح تأليف لجنة لبحثها، قائلا: (ومع أنني لا أومن بفائدة اللجان الحكومية وجدواها؛ فما لي حيلة في قبول أن تؤلف لجنة لبحث هذا الموضوع - لماذا نكره القراءة؟)

وأنا اشد من الأستاذ غريب يأسا من مثل هذه اللجنة التي يقترحها، إذ أخشى أن تؤلف - إن الفت - ممن لا يقرؤون. . فالمشكلة كلها آتية من طريقة التعلم وملابساته، فالمناهج المزدحمة والامتحانات التي تتجه إلى الذاكرة ولا تكاد تهتم بالإدراك، وإرهاق التلاميذ والمدرسين - كل ذلك يبغض في الكتاب، إذ لا يكاد التلميذ ينتهي من (سخرة) الامتحانات حتى يلقي بالكتب وهو يشعر بالسعادة لتخلصه منها. وبغضه للكتاب المدرسي يجره إلى بغض جنس الكتاب. فلا مكان إذا لحب القراءة من نفسه.

ومن أكبر الخطر أن المشكلة واقعة أيضا بين المدرسين أنفسهم. . أولئك الذين يرجى منهم أن يبثوا حب القراءة والاطلاع في نفوس الطلاب لأنهم أيضا ضحية هذا النظام المدرسي، ومن تميل نفسه إلى القراءة منهم لا يجد لها فضلة من نشاط بعد أن يكد يومه في التحضير والتدريس والتصحيح. وكثير ممن يلون مناصب التعليم الكبيرة مروا بتلك الأطوار، وقد اصبحوا في شيء من الفراغ يمكنهم القراءة، ولكنهم لا يزالون على ما تعودوه. ومن هنا خشيتي أن تؤلف اللجنة ممن لا يقرؤون. وما احسبني في حاجة لأن أقول أن هذا الكلام لا

<<  <  ج:
ص:  >  >>