ينطبق على الجميع، فبين رجال التعليم كثير من المثقفين الممتازين الذين كان لهم من أنفسهم وظروفهم الخاصة ما عصمهم من الداء الفاشي.
في كل مدرسة مكتبة، ولكن هذه المكتبة لعلها المكان الوحيد في المدرسة الذي يشكو الفراغ، فقل أن تجد طالبا يقصد إليها لاستعارة كتاب أو قراءة مجلة من المجلات الأدبية التي تشترك فيها الوزارة للمدرسة، وقل أن يدلف مدرس إلى المكتبة ليرى ما تحتويه من نفائس الكتب ولو كانت في المادة التي يدرسها وكثيراً ما تجد المجلات لا تزال في أغلفتها الملصقة، أما الكتب فهي في غاية النظافة وأن كان يعلوها بعض الغبار. أليست مكتبة المدرسة إذن جديرة بان يكتب عليها (هنا ترقد بنات الأفكار في مثواها الأخير؟) وإن كنا لا نطمع أن يمر بها أحد من التلاميذ والمدرسين ليقرأ الفاتحة. .
ويبدو أن حركة تعميم التعليم وتيسيره لجميع المواطنين غير ملائمة لعلاج تلك المشكلة، لما تستلزمه من الإكثار من التلاميذ في المدرسة، ولكني أرى أن اصل الداء في المناهج المزدحمة وفي الكتب المدرسية وكيفية الامتحان فيها، مما يضيق المجال أمام الكتاب العام الذي يجب أن يتخذه الناشئ بجانب الكتاب المدرسي، ذلك أيضا يغرس في نفوس الطلاب أن الكتاب ضرورة مدرسية امتحانية يحسن التخلص منها بعد الامتحان. وإرهاق المدرسين ليس بكبر الجدول فحسب، بل يأتي أكثره من طريقة الشرح والتلقين، والتدقيق غير المجدي في تصحيح الكراسات، أي من إلقاء العبء كله على المدرس وعدم إشراك الطالب وتعويده على التفكير والتحصيل بنفسه، والمدرس لا يفعل ذلك مختارا، بل يزاوله بدافع طريقة الامتحان ودافع (المفتش) الذي يحتاج وحده إلى مقال. .