للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من معناه، أو ورد عليك الخبر ونفسك عنه في شغل قد أهمها، أفكنت تنشط له نشاطك للخبر احتفلت له نفسك أو أصاب هوى منك أو رأيته موضع اعتبار؟

قال: لا

قال الشيخ: فإذا سمعت بأذنك وحدها فإنما سمعت كلاماً يمر بأذنك مراً، وإذا أردت الكلام لنفسك سمعت بأذنك ونفسك معاً؟ قال: نعم

قال الشيخ: فكل ما لا تنفرد به حاسة واحدة، بل تشارك فيه الحواس كلها أو أكثرها - لا يكون إلا موضع اهتمام للنفس؟

قال: نعم

قال الشيخ: فمن هنا يكثر الفرح والحزن كلاهما إذا شاركت فيهما الحواس، فيأتي كل منهما كثيراً مهما قلّ، وتزيد كل حاسة في اللذة لذة وفي الألم ألماً، فتعمل النفس في ذلك أعمالاً تسحر بها فيكون الشيء لصاحبه غير ما هو للناس، كالصوت الباكي أو الضاحك في لسان طفلك، تسمعه أنت منه بكل حواسك فإذا أنت سمعت عينه من لسان رجل في الناس رأيته غير ذاك. أكذلك هو؟

قال: نعم

قال الشيخ: فيكون السرور بالغاً عجيباً أكثر ما هو بالغ، حين يجد المال والغنى في الإنسان أم حين يجد القوة النفسية وطبيعة المرح والرضى؟

قال: بل حين يجد في النفس

قال الشيخ: أرأيت الإنسان يكون سعيداً بما يتوهم الناس انه به غني سعيد، أم بشعوره هو وإن كان بعد فيما لا يتوهم الناس فيه الغنى والسعادة؟

قال: بل بشعوره

قال الشيخ: أفلا توجد في الدنيا أشياء من النفس تكون فوق الدنيا وفوق الشهوات والمطامع؛ كالطفل عند امه، كل ما تعلق به من شيء وزن به هو لا بغيره، وكان الاعتبار عليه لا على سواه، أتعرف أماً ترضى أن يذبح ابنها في حجرها لقاء أن يملأ حجرها ذهباً؟

قال: لا

قال الشيخ: فإذا كانت النفس تشعر اكثر مما ترى، أفيذهب ما تراه فيما تشعر به، ويكون

<<  <  ج:
ص:  >  >>