للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شاهقة، تتراءى من فوقها قمم السماء الزرقاء، ومن تحتي هوة رهيبة يبدو عليها عشب أطلت من أوراقه عيون الازاهير. أقطعت مثل هذه المسافة الهائلة في مثل هذا الوقت القصير؟ يخيل إلي إنني لست بعيدا عن الأرض التي سأعود إليها اليوم والتي كنت فيها مرة واحدة في الماضي. وإذا لم تخني الذاكرة، وإذا لم تكن العيون لتنظر إلى الأشياء هناك نظرة تجسم الجمال، فأنني ما زلت أتذكر أو كما يخيل إلي على الأقل، إحراجا كثيفة، وسماء صافية، وفجراً ساحرا، وغروبا بديعاً، والنور ينبعث من الشمس وكأنه شعاع ذائب من الماس؛ وما زلت أتذكر رجالا ونساء ترفرف السعادة عليهم؛ يحملون قلوبا رحيمة وعقولا متزنة. ما أجمل الرجوع مرة أخرى إلى الأرض في صورة فتاة أو شاب! ليتني أستطيع الاهتداء إلى الطريق.

الملك: إن الأرض بعيدة عنك مسيرة يوم واحد.

الروح: من ذا الذي يتحدث؟ أملك؟

الملك: نعم

الروح: تحية السماء إليك! لقد أرسلت إلى الأرض فهل أن تدلني على طريقها؟

الملك: أتريد الحياة في الأرض؟ أو لم تكن سعيدا في السماء؟

الروح: إنني جرة قد ملأتها السماء بالمحبة وفاضت على جوانبها، ولما لم يعد في استطاعتي الاتساع لشيء أكثر من ذلك السيل المتدفق من النعيم الإلهي، فهل يداخلك العجب، والحالة هذه إذا رأيتني أفتش عمن اقاسمهم ما لدي من هذا الكنز النفيس؟ هنالك أشياء لا شك إنني نسيتها عن الأرض التي ما تزال لها آثار حلوة في ذاكرتي، ولكنني كنت استمع من وقت إلى آخر، والدهشة تتملكني، من أولئك الذين رجعوا منها، أن الناس لم يستطيعوا إشاعة والسعادة في جوانبها كما هي في السماء، وهذا ما يدفعني إلى الاعتقاد بان هنالك مجالا متسعاُ للحب ليصنع المعجزة. إذا كنت تسير في اتجاه غير صحيح، أرجوك أن تدلني على الطريق.

إنني أعرف الكثير من الأرواح قد ارتعدت خوفاً وهي تدنو من الأرض، رهبة من شبح اليقظة والنوم هناك: لكنني لا أذكر أن مخاوفاً من هذا النوع دارت بخلدي وأنا العبث إلى الأرض للمرة الأولى.

<<  <  ج:
ص:  >  >>