الملك. في استطاعتك من هذه الفتحة رؤية الكواكب الذي تفتش عته.
الروح: أين؟ أنني أرى نجوماً لا يحصيها العد - وكأنها فقاقيع على بحر من الظلام. لست قادراً على تمييز الأرض من بينها: أهي ذلك النبع الهائل المتدفق من اللهيب؟
الملك: كلا. إنها أقل لمعاناً. إنها دائرة صغيرة، ومكان متواضع لا يكاد يرى من الشموس في الفضاء.
إلا ترى الكثرة الهائلة في الناحية البعيدة من الدب الكبر، والتي ينبعث منها شعاع متعدد الألوان كالبجاد المرجل القشيب؟ من تلك النقطة اتجه ببصرك إلى المشرق واجعل نظرك ينفذ في استمهال إلى ما وراء المجرة.
الروح: ليس في استطاعتي أن أرى شيئا من ذلك الاتجاه الذي تشير إليه؛ إنما أرى ظلاما دامسا وفراغا هائلا.
الملك: أرجع البصر إلى تلك الجهة مرة أخرى
الروح: يخيل إلي إنني أرى نقطة شديدة اللمعان، أهي تلك الأرض؟
الملك: لقد ابتدأت ترى الاتجاه الذي تتحرك فيه الأرض. إن الذي رأيته ليس إلا الشمس التي يبهر نورها نظر الإنسان.
الروح: لكنني الآن أرى أقراصا شاحبة الضوء تدور على نفسها في شكل دائري، أنراها ذرات سابحة في الفضاء فتتحرك أمام عيني المتعبتين؟
الملك: أترى تلك الدائرة الثالثة؟
الروح: نعم. .؟
الملك: تلك هي الأرض ولكم تبدو للعين صغيرة، دامسة الظلام، ولكنها على الرغم من ذلك، مفعمة بكل شيء جميل، وكل شيء لا تقوى الأنفس على احتمال ما فيه من أحزان تطير لها الألباب شعاعاً.
الروح: ألا بربك خبرني كيف تكون الولادة التي يبعث فيها روح من السماء إلى الأرض؟
الملك: إنها أشبه ما تكون بنوم بطئ، وانحلال تدريجي، وجزر تنكمش فيه القوة على نفسها، وغرق في تيار الحياة، ثم يقظة مفاجئة على صراع عنيف في النفس بين الرغبة والحرمان وبين الدموع والابتسامات.