الروح: اقسم بالذي خلق أن سوف لا يقف ما ذكرت عقبة بيني وبين الحب الذي سأتفق منه حتى نهاية الحياة نفسها.
الملك: لقد سبقتك إلى الأرض ملايين وملايين من الأرواح التي كانت تحمل في نفوسها هذا النور. من يدري فلعلك واجد لديك من القوة ما يكفي للثبات على هذه العزيمة، لكنني لا أرى بدا من أن أحذرك حين أقول لك إن الولادة أو البعث إلى الأرض تحمل في طياتها معاني تضائل روحانية السماء.
الروح: أرجوك أن تقودني إلى النقطة التالية لأمضي إلى الأرض؟
الملك: إنك تستعجل الذهاب في الوقت اللحظة التي انتظر فيها مواجهة عمل شاق جداً.
الروح: ماذا تعني!
الملك: إنني في انتظار فتاة ماتت منذ لحظات لأدلها على الطريق إلى السماء. إن الأرواح حينما تخلع اجسادها، أو كما يقول أهل الأرض حين تموت، تمر جميعها من هذا الطريق. إن الأرواح وهي تهبط من السماء إلى الأرض لا ترتدي غير هذا الزي البسيط الذي تبدو فيه أمامي الآن، ولكن مر السنين على الأرض لا يمكن العقل المكدود المرهق من أن يحيك للروح بردا من المثل العليا وإنما ينسج لها معطفا من الكبرياء والغرور والطموح، لا تستطيع عين الإنسان الفانية رؤيته فترتديه النفس، ويصبح ذلك المعطف الموشى بالذهب والدر والجوهر من سخافات الأرض حاجزا قوياً بين الإنسان وجوهره الإلهي الصحيح، كما يختفي لهيب النار والدخان عن العيون، وحين تموت تلك الأنفس لا تخلع هذا الرداء الذي ارتدته على الأرض، ويبقى عليها في طريقها إلى السماء وأنا في هذا المكان الذي يفصل السماء عن الأرض، أقوم بوجوب تعليم الأرواح وإرشادها إلى خلع هذا المعطف قبل دخول السماء لتعود إليه في بساطتها النورانية كما أنت الآن.
الروح: هل لك في جميل تطوق به عنقي؟
الملك: ماذا تريد؟
الروح: أن تتيح لي فرصة إقامة البرهان على إنني لم أتكلم عن الحب إلا كلام المؤمن بما يقول، وذلك عن طريق إنابتي عنك في تخليصها من ذلك المعطف.
الملك: إن الأمر ليس بالسهولة كما يخيل إليك. إنه أمر شاق عسير.