للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

جاءت لخطف نساء الإنجليز وأولادهم وأن هذا بعض ما قصد إليه المسلمون.

كان من جراء ذلك أن رفض بعض المحال التجارية والمطاعم في تلك الضاحية (روكنج) أن يتعاملوا معهم مما اضطر المسلمين وقتا ما أن يستحضروا طعامهم وحاجاتهم من لندن.

ولكن سرعان ما تبددت هذه الخرافات بفضل جهود الإرساليات الإسلامية الأولى التي كشفت للإنجليز والشعوب المختلفة هناك حقيقة الدين الإسلامي، وذلك بالخطابة والقاء المحاضرات العامة، وإذاعة النشرات، والكتب الإسلامية. هيأت المقادير حينذاك شخصية عظيمة من كبار رجال الإنجليز البارزين اعتنقت الإسلام، وقدت جماعة المسلمين تلك هي شخصية (اللورد هادلي) الذي اعتنق الإسلام عن حق وصدق ويقين، حين ظهر له أن هذا الدين دين الأمانة والصدق، وعلو النفس، وحب البر، والرحمة، وأنه الدين الذي يرتفع بالقلوب والأرواح لتتصل بالله ليعبدوه مخلصين له الدين، ولينبذوا عبادة ما سوى ذلك، مما يجعل القلوب والنفوس أشد من الأصنام تحجرا وقسوة.

زاد هذا الحادث الفذ في مكانة المسلمين، وازدهرت الحركة الإسلامية بإسلام (اللورد هادلي) واكتسبت كثيراً من القوة والنفوذ؛ فتكونت الجمعية الإسلامية البريطانية برئاسته لنشر الإسلام وتعريف الإنجليز وسكان الجزائر الإنكليزية أحوال المسلمين وتاريخهم وعقائدهم، وأهاب الرجل ومن معه من المسلمين بمن اتصل به من الناس أن يدركوا ما في الإسلام من جلال وخطر وسمو عن كل وضيع، وتعال عن كل دون، وأنه الدين الذي تتجه سياسته إلى توفير الطمأنينة لمن يتبعونه، وكفالة حرية الرأي لهم في عقيدتهم، وأن المسلم والنصراني، واليهودي سواء في حرية العقيدة والرأي، والدعوة إليه، وأن الحرية وحدها هي الكفيلة بانتصار الحق على الباطل، وتقدم العالم نحو الكمال.

لفت هذا أنظار الإنجليز وغيرهم إلى الدين الإسلامي، وأعلمهم أن الخرافات التي تحيط به في أذهان الناس ورؤوسهم لا نصيب لها من الحق والصحة. وتبع ذلك أن أعتنق الإسلام كثير من الشخصيات البارزة الإنجليزية وغيرهم، وانتقلت الدعوة من دوائرها الضيقة المحدودة إلى أوسع منها، وفشا ذكرها، وذاع أمرها، في كل الجزائر الإنجليزية بعد أن كانت حبيسة بين نعض المدن والولايات.

استمر الإسلام والمسلمون يزدادون انتشارا وعددا، ولم يمر يوم إلا أسلم فيه بعضهم لله

<<  <  ج:
ص:  >  >>