وجهه، وكان الفقراء والعمال أشد الناس على الإسلام إقبالا، حين عرفوا أنه يدعو إلى الحب والمروءة والتسامح، والحرية العزيزة على النفس إعزاز المرء حياته.
حقيقة أن الهجرات الإسلامية المتوالية من مختلف الأقطار الإسلامية إلى تلك البلاد طلباً للعلم أو الرزق أو التبشير، وحقيقة أن الطريقة الموفقة التي أنتهجها الدعاة في الدعوة إلى الإسلام، وعدم ما عسى أن يوجد في مثل هذه الظروف والأحوال من أنواع الأذى وضروب المقاومة، كل أولئك كان ذا اثر كبير في إقبال الناس على دين محمد واتباعهم إياه، وتقدم المسلمين والدعوة الإسلامية خطوة جديدة واسعة، فقد كان الدعاة يعتمدون حقا على أسمى الطرق التي وصلت إليها الإنسانية في سبيل تحرير الفكرة، تلك الطريقة التي تلزمك أن تمحوا من نفسك كل رأي وعقيدة سابقة لك فيما تريده من بحث ودرس وتمحيص، ثم تبدأ بالملاحظة والتجربة، ثم بالموازنة والترتيب، ثم الاستنباط الناتج من هذه المقدمات العلمية، حتى تصل إلى النتيجة العلمية الخاضعة بالطبع لهذا البحث والتمحيص.
إنفسح المجال أمام المسلمين، وأخذوا ينشرون تعاليم دينهم في جميع الجهات التي نزلوا فيها، فتركت هذه التعاليم في النفوس أعمق الأثر حتى لقد أقبل كثير من السكان في على الإسلام.
والمسلمون في هذه البلاد يتكونون من شعوب وجنسيات مختلفة، الهنود الأندنيسيون، الأتراك، البولنديون، العرب، المصريون، الإنجليز، الإيرانيون، الشاميون، الأفريقيون، مثل تنجانيقا، ونيجريا، وساحل الذهب وغير ذلك كأهل الملايو، والمغارية، والصينيون.
لكن معظم هؤلاء جميعا يتكون من الباكستانيين، إذ بلغ عددهم حوالي ثلاثين ألفا في إنجلترا، أما العرب فهم نحو أربعة آلاف مسلم، منهم نحو ألفين يقيمون في (كاردف) وهؤلاء الكاردفيون لهم مسجد لإقامة الصلوات والشعائر الدينية وجمعية إسلامية لتنظيم أحوالهم.
أما عدد الإنجليز الذين أسلموا إسلاما حقيقيا في الجزائر البريطانية فحوالي أربعة آلاف نسمة معظمهم من العسكريين والعمال الذين قضوا شطراً من حياتهم في الأقطار الشرقية.
أما المصريون المقيمون فيم قلة، إلا إذا حسبنا أولئك الذين نزحوا إلى تلك البلاد في عمل تجاري، أو طلبا للعلم وهؤلاء يبلغون ألفا أو يزيد.