للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وتعاوره الدين ورفاق السوء فما يسكن إلى دينه وهو يجد فيه معاني السجن ولا يطمئن إلى رفاقه وهو يلمس في عبثهم معاني الزلة الكبرى. والشباب المتأجج في قلبه يدفعه إلى غاية

وهبت نسمات الصيف تلفح القاهرة بوقدة الهاجرة، وجلس الفتى إلى رفاقه يسمع الحديث وقد تفتق فنوناً يصف سفعات الحر ويضيق بأيامه وهي تتلهب كأن فيها لظى من الجحيم، والفتى لا يضرب في الحديث بسبب، فماله بحر القاهرة من عهد منذ زمان، فهو يقضي شهور الصيف - دائماً - في القرية. وأجمع رأي المجلس كله - سوى صاحبنا - على أن يقضوا بعض أيام الصيف هناك في الإسكندرية على الشاطئ، عند الربيع الأزرق، يطلبون الجمام والراحة وينفضون عنهم عناء العمل وعناء التقاليد. وضاق الجمع بالفتى الصامت فانبرى واحد منهم يحدثه ليرى رأيه، فقال الفتى (أما أنا فقد دأبت على أن أقضي شهور الصيف كلها في القرية) فقال واحد (وإذن فإنك لم تر الإسكندرية من قبل) فقال الفتى (لا، لم أفعل أبداً، ولم يدر بخلدي أن أفعل) فقال آخر (لا ضير، فهذه فرصة سانحة تستطيع أن تجد فيها متعة النفس وراحة الجسم وفرحة القلب)

وتشقق الحديث، وانحط الجماعة على الفتى يزينون له الحياة في مرح الشاطئ وافتنوا في الحديث فلم تعجزهم الحيلة أن ينفذوا إلى قلب الفتى في سهولة ويسر، فالقى السلم لرغباتهم وهو يحدث نفسه: (لا ضير، فسأجد هناك الصحة والنشاط والمتعة)

وبعد أيام أخذ الرفاق يتهيئون للسفر، وراح الفتى يعد نفسه للسفرة الحبيبة. وانطلق الركب إلى الإسكندرية. فماذا وجد صاحبي هناك. . . وماذا رأى؟

كامل محمود حبيب

<<  <  ج:
ص:  >  >>