وقد أثارت فيه رؤية هذا القصر ذكريات من تاريخ مصر، فأخذ يتساءل عن هذا الملك العتيد، وما كان له من مجد، وعن فرعون ومواكبه، وإنريس وهوروس:
أين (إيزيس) تحتها النبيل يجري ... حكمت فيه شاطئين وعرضا
أسدل الطرف كاهن ومليك ... في ثراها، وأرسل الرأس خفضا
يعرض المالكون أسرى عليها ... في قيود الهوان عانين جرضا
وكان للكشف فن قبر توت عنخ آمون وما ينبئ عنه من حضارة رفيعة عميق الأثر في نفس شوقي، فمضى يسجل في شعره صفحة ناصعة من تاريخ هذا الوطن، ويصف تلك الحضارة التي أبان عنها كشف ذلك القبر. ومن أهم ما أثر فيه تلك الموازنة المؤلمة بين هذا الماضي المشرق بالمجد والعامر بالفخار، ويبين هذا الحاضر المليء بالضعف والتأخر، واستمع إليه يخاطب فرعون قائلا:
قل لي أحين بدا الشرى ... لك، هل جزعت على العرين؟
آنست ملكا ليس بالش ... اكي السلاح ولا الحصين
البر مغلوب القنا ... والبحر مسلوب السفين
لما نظرت إلى الديا - ر صدفت بالقلب الحزين
أقبلت من حجب الجلا - ل على قبيل معرضين
تاج الحضارة حين أش ... رق لم يجدهم حافلين
والله يعلم لم يرو ... هـ من قرون أربعين
وكان شوقي يتمنى نهضة شاملة تناسب تاريخها المشرق القديم.